الإثنين 14 / ذو القعدة / 1446 - 12 / مايو 2025
فَنَادَتْهُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٌ يُصَلِّى فِى ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًۢا بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي مجالس في تدبر القرآن الكريم
مرات الإستماع: 0

"قال تعالى: فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ [سورة آل عمران:39] أي خاطبته الملائكة شفاهاً خطاباً أسمعته، وهو قائم يصلي في محراب عبادته، ومحل خلوته، ومجلس مناجاته، وصلاته".

قوله تعالى: فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ على قراءة حمزة، والكسائي: (فناداه الملائكة)، وكثير من أهل العلم من السلف فمن بعدهم يقولون: إن المقصود بالذي ناداه هو ملك واحد، وهو جبريل - عليه الصلاة، والسلام -، وهو الموكل بالوحي، فيكون بهذا الاعتبار، يكون من العام المراد به الخصوص، كقوله تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ [سورة آل عمران:173] فالقائل واحد، والمقول له واحد، ولهذا فالأصوليون يذكرون هذه الآية، في جملة الأمثلة التي يذكرونها على العام المراد به الخصوص، حيث يقولون: فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ، أي: جبريل، لكن ليس هذا محل اتفاق؛ لأن من أهل العلم من يقول: إنه محمول على ظاهره، وهو الجمع الحقيقي، أي جمع من الملائكة بشروه، وأخبروه بهذه البشارة.
"ثم أخبر تعالى عما بشرته به الملائكة: أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى [سورة آل عمران:39] أي: بولد يوجد لك من صلبك اسمه يحيى، قال قتادة، وغيره: إنما سمي يحيى؛ لأن الله أحياه بالإيمان".

هذا قاله كثير من السلف غير قتادة أيضاً، ولكن الاسم هذا هل هو اسم عربي، أو اسم أعجمي، أو أنه معرب؟
فإذا قلنا: إنه ليس من الأسماء العربية أصلاً؛ فلا مجال لتفسيره بهذه الطريقة، على أنه من كلام العرب، وعلى كل حال الله سماه يحيى، وأخبر أن هذا الاسم مبتكر، بمعنى أنه ليس له سمي، لم يسمَّ به أحد قبله كما قال تعالى: لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا [سورة مريم:7].
"وقوله: مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ [سورة آل عمران:39] روى العوفي، وغيره عن ابن عباس - ا -، وقال الحسن، وقتادة، وعكرمة، ومجاهد، وأبو الشعثاء، والسدي، والربيع بن أنس، والضحاك، وغيره في هذه الآية: مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ أي: بعيسى بن مريم".

قوله: مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ [سورة آل عمران:39] أي بعيسى بن مريم، هذا التفسير قاله كثير من السلف، وكلمات الله - تبارك، وتعالى - شرعية، وكونية، فعيسى ﷺ إنما وجد، وخلق بكلمة الله الكونية، فالله - تبارك، وتعالى - إذا أراد شيئاً قال له: كن، فأطلقت الكلمة على ما تكوَّن، وخلق بها عيسى، وأطلق عليه كلمة من باب إطلاق السبب على المسبب، أي سمي عيسى كلمة لأنه وجد بسبب الكلمة من غير أب، فالمسبَب عيسى ﷺ، والسبب الكلمة، فلما سمي بذلك، قيل له كلمة، أي صار ذلك من باب إطلاق السبب الذي هو الكلمة على المسبب، يعني الناتج عنها الذي خلق بها، وهو عيسى ﷺ، فقيل: هو كلمة الله ألقاها إلى مريم، فهذا هو المراد.
"قوله: وَسَيِّدًا [سورة آل عمران:39] قال أبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، وسعيد بن جبير، وغيرهم: الحكيم، وقال ابن عباس - ا -، والثوري، والضحاك: السيد الحكيم التقي".

السلف يفسرون الكلمة ببعض معناها أحياناً، فالسيد مثلاً ليس هو الحكيم فقط؛ إذ قد يكون الإنسان حكيماً، ولا يكون سيداً، لكن السيد لا يكون موصوفاً بالحماقة، والخرق، وسوء التدبير، فإن ذلك ليس من الصفات التي تحصل بها السيادة، وإنما تحصل السيادة باجتماع عدة أوصاف يكون بها الإنسان نبيلاً سيداً يحصل له بها الشرف، وكلما كانت هذه الأوصاف كلما كانت السيادة أكثر، وأوفر، وأعظم، فيسود بذلك قومه، ويكون مقدماً فيهم، ويفوق أقرانه في كل شيء من الخير، فالسيادة هي الشرف في العلم، والعمل، والشرف في العبادة، فكل ذلك داخل فيه - والله أعلم - وتفسيره بالحليم التقي أحسن من تفسيره بالحكيم، فهذا أقرب، وأدخل، وأعلق بمعنى السيادة، والذي لا يحسن التدبير، ولا يضع الأمور في مواضعها، ولا يوقعها في مواقعها فهذا لا يكون سيداً إلا بقيد كأن يقال له: الأحمق المطاع، فبهذا القيد يمكن، أما أن يكون سيداً هكذا بإطلاق، ولا يحسن التدبير فلا.
"وقال سعيد بن المسيب: هو الفقيه العالم، وقال عطية: السيد في خلقه، ودينه".

على كل حال النبي ﷺ قال عن الحسن:  إن ابني هذا سيد[1]، فالحاصل أن المقصود بالسيد هو الشريف المقدم، ويكون شريفاً مقدماً بناء على اجتماع عدة أوصاف، فلا يكون السيد بخيلاً، ولا يكون ضيق العطن، وضيق الصدر، ولا يكون سيء التدبير، ولا يكون في غاية الجهل، ونحو ذلك.
"وقال عكرمة: هو الذي لا يغلبه الغضب، وقال ابن زيد: هو الشريف، وقال مجاهد، وغيره: هو الكريم على الله ".

هذا كله من اختلاف التنوع، يعني ما نحتاج أن نرجح، فهم يفسرون بما يقرب المعنى بجزئه.
"وقوله: وَحَصُورًا [سورة آل عمران:39] ليس معناه هاهنا أنه لا يأتي النساء، بل معناه أنه معصوم عن الفواحش، والقاذورات".

الحصور: أصله من الحصر، وهو الحبس، ومعناه المتبادر هنا، وهو الذي عليه عامة أهل العلم هو الحبس عن النساء، يعني الممتنع من النساء، وهذا الامتناع يحتمل أمرين من جهة سببه:
الأول: ألا يكون له تطلع إلى النساء أصلاً، ولا شهوة، أي ليس له رغبة أصلاً، وقد جاء هذا عن بعض السلف، ولكن هذا فيه بعد، ولا يمدح الإنسان به إطلاقاً، بل هو من النقص، والعيب، وهو لون من العجز كبير، وإنما يكون المدح حينما يكون هذا الانصراف بإرادة، وعزيمة ثابتة راسخة، لا يلتفت معها إلى هذه المقارفة، وهذه المقارفة من أهل العلم من يقيدها بالحرام، يقول: المقصود بالحصور هو الذي يمنع نفسه من مقارفة ما حرم الله مع النساء، ولكنه يتزوج.
ومنهم من يقول: بل هو منقطع للعبادة، وذلك كان جائزاً في شريعتهم، فهو معرض عن النساء لا يشتغل بهن، ولا يتزوج، وإنما فرغ نفسه للعبادة، فهذا المعنى تحتمله الآية، وهي تفسر بهذا - والله تعالى أعلم -، لكن من أي جهة؟ هل هو الانصراف تماماً لا بالتزوج، ولا غيره مع القدرة على إتيان النساء؟ أو يكون المراد بالحصور هو الذي ينصرف عن مقارفة الحرام دون ما أحل الله - تبارك، وتعالى -؟ 
"بل معناه أنه معصوم عن الفواحش، والقاذورات، ولا يمنع ذلك من تزويجه بالنساء الحلال، وغشيانهن، وإيلادهن، بل قد يفهم، وجود النسل له من دعاء زكريا المتقدم حيث قال: هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً [سورة آل عمران:38]، كأنه قال: ولداً له ذرية، ونسل، وعقب، - والله سبحانه، وتعالى أعلم -".

ليس بلازم أن يكون المراد بالذرية الطيبة أن يكون له نسل، وعقب، فإن الإنسان إذا رزق بالولد كان ذلك ذرية، وعلى هذا يكون دعاءه قد استجيب.
وقوله: وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ [سورة آل عمران:39]، هذه بشارة ثانية بنبوة يحيى بعد البشارة بولادته، وهي أعلى من الأولى، كقوله لأم موسى: إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [سورة القصص:7].
  1. أخرجه البخاري في كتاب المناقب - باب علامات النبوة في الإسلام (3430) (ج 3 / ص 1328).

مرات الإستماع: 0

"فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ أنَّث رعيًا للجماعة، وقُرئ بالألف على التذكير، وقيل: إن الذي ناداه جبريل، وحده، وإنما قيل: الملائكة، كقولهم: فلانٌ يركب الخيل، أي: جنس الخيل".

قوله هنا: "فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ قال: أنَّث رعيًا للجماعة" يعني مراعاةً للفظ الجمع، ملَك مذكر، ملائكة صيغة الجمع، ومن ناحية اللفظ مؤنث فَنَادَتْهُ فأنثَّ الفعل مراعاةً للفظ الجمع.

وقُرئ بالألف فَنَادَاهُ الْمَلائِكَةُ وهي قراءة حمزة، والكسائي، وقراءة الجمهور فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ [1].

فَنَادَاهُ الْمَلائِكَةُ باعتبار أن الملائكة ليسوا بإناث فَنَادَاهُ الْمَلائِكَةُ لكن أُنِّث في القراءة الأولى مراعاةً للفظ فقط فَنَادَتْهُ وقيل: "إن الذي ناداه جبريل، وحده" وهذا هو المشهور، وليس كل الملائكة، وإنما قالوا: جبريل، فيكون من قبيل العام المراد به الخصوص، يعني يطلق لفظ عام، ويراد به معنًى خاص، مثل: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ [آل عمران:173] الذين صيغة جمع، وقيل: إن المقول له أبو بكر الصديق - الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ وليس كل الناس قالوا لهم، وإنما القائل: هو نعيم بن مسعود[2] إِنَّ النَّاسَ قالوا: قصد به أبا سفيان، أو قريش، وليسوا كل الناس، فهذا من العام المراد به الخصوص، ومثله: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ يعني جبريل  - عليه الصلاة، والسلام - وإنما قيل: "الْمَلائِكَةُ كقولهم: فلانٌ يركب الخيل، يعني جنس الخيل" هل يركب كل الخيل الموجودة بأرجاء المعمورة؟ لا، وإن ركب فرسًا، واحدًا.

فالمقصود من قوله: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ جبريل  - عليه الصلاة، والسلام - وهذا هو الذي اختاره الكثيرون، وجاء عن جماعة من السلف منهم: مقاتل، والسدي[3] وأضافه ابن عطية إلى الجمهور[4].

وقال بعضهم: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ أنهم جمع، يعني ليسوا ملكًا، واحدًا، ليس بجبريل، وحده فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ أخذًا من صيغة الجمع، على خلافٍ في أقل الجمع - كما هو معروف - هل هم ثلاثة؟ أو أن أقله اثنان؟ وقد مضى الكلام على هذا في بعض المناسبات، ومن قال: بأن أقل الجمع اثنين احتجوا بقوله - تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11] والإخوة يحجبون الأم من الثلث إلى السدس إذا، وجد أخوان فأكثر بالاتفاق، فقال: إِخْوَةٌ ويصدق على اثنين، ومثله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة:197] فإذا قلنا: بأن أشهر الحج شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، فهما شهران، وعشرة أيام، فقال: أَشْهُرٌ إما باعتبار أقل الجمع، أو جبر الكسر، وهو الذي قال فيه صاحب "المراقي": 

أقلُ معنى الجمع في المشتهر اثنان عند الإمام الحميري[5].

يعني عند الإمام مالك - رحمه الله - هذا قول لبعض أهل اللغة معروف، لكن المشهور الذي عليه عامة أهل العلم: أن أقل الجمع ثلاثة.

فالحاصل إن ابن جرير - رحمه الله - يرى أنهم جماعة[6] أخذًا من ظاهر اللفظ، وهذا قال به جماعة من السلف: كقتادة، وعكرمة، ومجاهد[7] - والله أعلم -.

ويحتمل أن يكون المقصود هذا، وهذا، والطاهر ابن عاشور - رحمه الله - في التحرير، والتنوير ذكر أن في هذا الموضع يحتمل أن يكون جبريل  - عليه الصلاة، والسلام - وأن يكون جمع من الملائكة[8] - والله أعلم -.

"بِيَحْيَى اسمٌ سماه الله تعالى به قبل أن يُولد، وهو اسمٌ بالعبرانية، صادف اشتقاقًا، وبناءً في العربية، وهو لا ينصرفُ، فإن كان في الإعراب - ولفظة "في الإعراب" زائدة في النسخ الخطية - فإن كان في الإعراب أعجميًا ففيه التعريفُ، والعجمة، وإن كان عربيًا فالتعريفُ، ووزن الفعل".

يقول: "فإن كان أعجميًا، ففيه التعريف، والعجمة" يعني الأعلام معارف، التعريف، والعجمة، فإذا قلنا: بأنه أعجمي "يحيى" "وإن كان عربيًا، فالتعريف، ووزن الفعل" "يحيى" على، وزن فعل مضارع، فيكون ذلك من العلل المانعة من الصرف، يعني اجتمع فيه علتان.

"مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ أي: مصدقًا بعيسى  - عليه الصلاة، والسلام - مؤمنًا به".

مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ فالكلمة هو عيسى  - عليه الصلاة، والسلام - يعني مصدقًا بعيسى، وهذا الذي عليه عامة المفسرين، سلفًا، وخلفًا.

"وسمي عيسى كلمة الله؛ لأنه لم يوجد إلا بكلمة الله، وحدها، وهي قوله: كن، لا بسببٍ آخر، وهو الوالدُ، كسائر بني آدم".

لأنه، وُجد بالكلمة، فيكون سمي بالسبب، وُجد بسبب الكلمة، فأُطلق السبب على المُسبب، السبب: الكلمة، والمسبب: المولود عيسى - عليه الصلاة، السلام - من غير أب، فسمي بها، فقيل: "كلمة، لا بسببٍ آخر، وهو الوالد كسائر بني آدم" وبعضهم يعللون بغير هذا، لكن هذا هو المشهور، وهو الأحسن، والأقرب - والله أعلم - لما، وُجد بسبب الكلمة، قيل له: كلمة.

"وَسَيِّدًا السيد الذي يسود قومه، أي: يفوقهم في الشرف، والفضل".

يعني هذه كلها تبشر بأن هذا الولد سيعيش حتى يسود، ويكون مصدقًا بعيسى  - عليه الصلاة، والسلام - والمؤرخون يقولون: بأن بين عيسى - عليه الصلاة، السلام - ويحيى من المدة ستة أشهر، يحيى أكبر من عيسى - عليه الصلاة، السلام - بستة أشهر، فأدركه، لكن اختلفوا متى قتل يحيى - عليه الصلاة، والسلام -  هل قُتل قبل رفع المسيح، أو بعده؟ فهذا خلاف بين المؤرخين.

يقول: "يفوقهم في الشرف، والفضل" يعني سَيِّدًا وقال ابن جرير: شريفًا[9] والنبي ﷺ قال: ((إن ابني هذا سيد))[10] فالذي يسود لا شك أنه يكون بمنزلةٍ من الشرف رفيعة - والله أعلم -.

وبعضهم يقولون: بأنه كان شريفاً، وسيدًا في العلم، والعبادة؛ لأنه لم يكن له، ولاية، ورئاسة - كما هو معلوم، والسيادة لا يلزم منها ذلك، والنبي ﷺ قال: ((قوموا إلى سيدكم))[11] يعني سعد بن معاذ، كما في قصة بني قريظة، وهو سيدهم، فهو رئيس الأوس، وكبيرهم المقدم المطاع، لكن هنا قد يُقال للشريف في العلم، والعبادة ذلك، وبعضهم جماعة من السلف: كأبي العالية، والربيع، وقتادة، وسعيد بن جبير[12] وجماعة، قالوا أيضًا عباراتٍ مقاربة مثل الشريف.

وجاء عن ابن عباس، والثوري، والضحاك السيد هو الحكيم التقي[13] وجاء عن ابن المسيب السيد: الفقيه العالم[14] وجاء عن عطية العوفي: السيد في خُلقه، ودينه[15] وجاء عن عكرمة: الذي لا يغلبه الغضب[16] وجاء عن ابن زيد كما قال ابن جرير - رحمه الله -: بأنه الشريف[17] وكل هذه المعاني صحيحة، فهذه صفات من يسود: العلم، والدين، والفقه، والحكمة، والعلم، والتقوى، والصلاح، ونحو ذلك.

"وَحَصُورًا أي: لا يأتي النساء، فقيل: خلقه الله كذلك، وقيل: كان يمسك نفسه، وقيل: الحصور الذي لا يأتي الذنوب".

فهذان قولان: فقيل: "خلقه الله كذلك لا يأتي النساء" وابن عطية - رحمه الله - نقل إجماع من يُعتد به من المفسرين، بأن هذه الصفة ليحيى - عليه الصلاة، السلام - إنما هي الامتناع من، وطء النساء[18] قال: إلا ما حُكي - يعني ما حكاه مكي بن أبي طالب - من قول من قال: إنه الحصور عن الذنوب يعني الذي لا يأتيها[19].

لكن هذا ليس بإجماع، وهنا وَحَصُورًا قال: أي لا يأتي النساء، فقيل: "خلقه الله كذلك" من قال بأن الحصور بمعنى المفعول، يعني محصور، يعني أنه محصورٌ عن النساء؛ لأنه لا يقدر على إتيانهن، فهذا ليس بصحيح إطلاقًا؛ لأن ذلك من النقص، وليس من الكمال، ولا يُمدح بهذا، مفعول يعني محصور، حصور بمعنى محصور، فعولٌ بمعنى مفعول، فهذا غير صحيح؛ لأن العُنة - كما هو معلوم - عيبٌ، ونقص، ليست بكمال يُمدح به، وليست من فعله أيضًا حتى يُثنى عليه بذلك، وفعول في اللغة العربية أصلًا هي من صيغ الفاعلين، ويمكن مراجعة ما ذكره القرطبي - رحمه الله - في هذا المعنى، وكذلك الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - في "أضواء البيان" المقصود أن من فسره بعدم إتيان النساء ليس فعول حصور بمعنى مفعول، يعني ممنوع من إتيان النساء، فذلك عيبٌ، وليس بكمال، ولكن الذي قاله الجمهور: بأن الحصور هو الذي لا يأتي النساء يعني باختياره، اشتغالًا بالطاعة، والعبادة، والتقرب إلى الله كان ذلك في شرعهم، أما في هذه الشريعة فالنبي ﷺ نهى عن هذا التبتل؛ ولما استأذنه بعض أصحابه في ذلك نهاهم، ولما أُخبر عن بعضهم أنه قال: "لا أتزوج النساء" قام على المنبر - عليه الصلاة، السلام - وأنكر هذا، وقال: ((من رغب عن سنتي فليس مني))[20] لكن كان ذلك في شريعتهم، وشرع من قبلنا إذا جاء في شرعنا ما يخالفه فليس بشرعٍ لنا، يقول: "وقيل: كان يمسك نفسه" يعني ليس بممنوع.

القول الأول: "خلقه الله كذلك" يعني لا يقدر على إتيان النساء، وقدم هذا القول، مع أنه ليس بصحيح، وذكر الثاني بقيل: "قيل: كان يمسك نفسه" يعني بإرادته، فهذا الذي قاله الجمهور: لعفته، واجتهاده في دفع الشهوة، كأنه محصورٌ عنهن، وأصل الحصر يأتي بمعنى الحبس، والمنع، والجمع، وقيل: "الحصور الذي لا يأتي الذنوب" يعني إما أن يكون لا يأتي النساء، فإن كان ذلك عن عجزٍ، ومنع، فهذا ليس بكمال، ولا يُفسر به، وأما بالاختيار فهذا قول الجمهور.

والقول الثاني: الحصور الذي لا يأتي الذنوب - والله أعلم -.

والحافظ ابن كثير - رحمه الله - ضعَّف القول الذي نُسب إلى الجمهور، وهو أنه لا يأتي النساء، واختار: أنه المعصوم عن الفواحش، والمدنسات، والقاذورات[21] وأن ذلك لا يمنع من تزوجه بالنساء، وغشيانهن، وإيلادهن، فالذي لا يغشى الفواحش يكون عفيفًا، يقول: هذا هو الحصور، وهذا هو المقصود، فهذا اختيار ابن كثير، وهو - كما ترون - من الوجاهة، وإن كان قول عامة أهل العلم: أنه الذي لا يأتي النساء.

فقوله: وَحَصُورًا هل المدح أبلغ أنه لا يأتي الفواحش، والقاذورات، والمدنسات؟ أو الذي لا يأتي النساء أصلًا؟ يعني سنة المرسلين التزوج، فكأن الثاني أكمل - والله أعلم -. يعني أن يُمدح بأنه لا يغشى الفواحش، والمدنسات أبلغ من أنه يُمدح بأنه لا يأتي النساء أصلًا - والله أعلم -.

وقول ابن كثير هو كما ترون من الوجاهة كأن ذلك أبلغ في المدح، لكن السواد الأعظم من أهل العلم: على أنه الذي لا يأتي النساء، والآية تحتمل على كل حال - والله أعلم -.

  1.  حجة القراءات (ص:162).
  2.  تفسير ابن أبي حاتم - محققا (11/252).
  3.  زاد المسير في علم التفسير (1/278).
  4.  تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (1/428).
  5.  نشر البنود على مراقي السعود (1/234).
  6.  تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/363).
  7.  تفسير المراغي (3/147).
  8.  التحرير، والتنوير (3/239).
  9.  تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/374).
  10.  أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب قول النبي ﷺ للحسن بن علي - ا - برقم: (2704).
  11.  أخرجه البخاري في كتاب الجهاد، والسير، باب إذا نزل العدو على حكم رجل برقم: (3043) ومسلم في الجهاد، والسير، باب جواز قتال من نقض العهد برقم: (1768).
  12.  تفسير ابن أبي حاتم - محققا (2/642).
  13.  تفسير ابن كثير ط العلمية (2/31).
  14.  تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/376).
  15.  تفسير ابن كثير ط العلمية (2/31).
  16.  تفسير ابن كثير ط العلمية (2/31).
  17.  تفسير ابن كثير ط العلمية (2/31).
  18.  تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (1/430).
  19.  تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (1/430).
  20.  أخرجه البخاري في النكاح، باب الترغيب في النكاح برقم: (5063) ومسلم في النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه. . . برقم: (1401).
  21.  تفسير ابن كثير ت سلامة (2/38).

مرات الإستماع: 0

لما دعا زكريا -عليه السلام- ربه، وسأل الذرية الطيبة، استجاب الله دعاءه، فقال الله -تبارك وتعالى-: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ [آل عمران:39]، وذلك على قول كثير من المفسرين أن الذي ناداه هو جبريل ، فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ ويكون ذلك بهذا الاعتبار على هذا المعنى من قبيل العام المراد به الخصوص، أي: أن اللفظ عام: الْمَلائِكَةُ يُراد به ملك، فهذا عام مراد به الخصوص، وهذا معروف في أصول الفقه، وفي كلام العرب.

فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ قَائِمٌ يُصَلِّي في موضع صلاته، والمحراب يُقال: لأشرف المواضع، فالمكان الذي يُصلي فيه قيل له المحراب؛ لأن الإنسان إنما يتخير لصلاته الموضع اللائق الذي هو أشرف المواضع.

أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى، يُخبرك بخبر يسُرك وهو أنك ستُرزق بولد اسمه يحيى، يُصدق بكلمة من الله وهو عيسى ، فإن الله -تبارك وتعالى- خلقه بالكلمة "كُن" فكان، فقيل له: كلمة بهذا الاعتبار: مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ، وأيضًا بشّره بكون هذه الولد يكون سيدًا في الناس، سيدًا له منزلة وقدر.

وَحَصُورًا قيل: الحصور الذي لا يأتي الذنوب، وقيل: الحصور هو الذي لا يأتي النساء، ورده بعض أهل العلم بأن ذلك ليس من الكمالات، ولكن الذي لا يأتي القبائح والفواحش وما حرم الله -تبارك وتعالى-، وأيضًا يكون نبينًا من الصالحين، الذين بلغوا في الصلاح غايته، هذه بُشرى تحمل في طياتها هذه المعاني والدلالات الكبار، فدل ذلك على أنه يعيش ويبقى حتى يسود، وأنه يكون نبيًّا من الأنبياء، والأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- إنما يأتيهم الوحي بعد مدة من حياتهم.

ويؤخذ من هذه الآية الكريمة من الهدايات: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ فهنا لما دعا ربه: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً [آل عمران:38]، فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ فــ"الفاء" تدل على التعقيب المباشر، فدل على سرعة استجابة الله دعاءه، الله يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186]، وقد تُدخر الدعوة للإنسان في آخرته، وقد يُدفع عنه من الشر مثل ذلك فالعبد يُحسن الظن بالله، وقد تُعجل لكنها لا تكون مُباشرة بمجرد دعائه، وهذا له نظائر أيضًا من دعوات الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-.

وقوله: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ على هذا المعنى الذي ذكرناه أن المراد بالملائكة هو جبريل فأطلق عليه هذا اللفظ العام، وهذا يدل على شرفه ومكانته أعني جبريل أن الله أطلق عليه اسم الملائكة: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وهو ملك واحد.

فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ هنا جاءت هذه البشارة وهذا النداء في أشرف أحواله؛ وهو قائم يصلي.

ويؤخذ أيضًا من هذه الآية الكريمة ومن غيرها كثير: أن الصلاة كانت مشروعة عندهم، وأن القيام مشروع فيها: وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ.

وفيه أيضًا جواز مخاطبة المصلي لكنه لا يُجيب من خاطبه، وإنما يمكن أن يكون ذلك بالإشارة أو التسبيح، والمرأة إذا نابها شيء تُصفق، وقد كانوا يتكلمون في الصلاة في أول بعث النبي ﷺ، ثم نُسخ ذلك وأنزل الله : وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]، فمُنعوا من الكلام وأمروا بالسكوت.

ويؤخذ من هذه الآية الكريمة من المعاني والهدايات: مشروعية البُشرى: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ والبشارة في استعمالها الأغلب هي إخبار بما يسُر، وقد تأتي بالإخبار بما يسوء، بعضهم يقول: حقيقة، وبعضهم يقول: على سبيل التهكم فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [آل عمران:21]، والنبي ﷺ قال: إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار[1]، وهو معروف أيضًا في لغة العرب كما قال الشاعر:

يُبشرني الغراب ببين أهلي فقلت له: ثكلتك من بشيرِ[2].

فسماها بشارة، فقيل لها: بشارة باعتبار أنه يظهر أثر هذا الخبر على بشرة المُخبر المُبشر، فإن مشاعر الإنسان تظهر على وجهه وبشرته كما هو معلوم.

أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى سبب هذه التسمية، تعليل هذه التسمية، ذكر العلماء فيه أقوالاً، فالله تعالى أعلم:

جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "لأن الله أحيا به عقر أمه"[3]، يعني ما كان من سبب امتناع الحمل عند أمه كانت عاقر فأحيى الله به ذلك فردها إلى حال سوية تلد.

وبعضهم كقتادة يقول: "لأن الله أحيى قلبه بالإيمان فقيل له: يحيى"[4].

وبعضهم يقول: "سُمي يحيى: لأنه استشهد، قُتل، قتله بنوا إسرائيل، والشهداء أحياء"[5].

فهذه أقوال؛ ولكن لا شك أن أسماء الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- أنها تحمل أوصافًا، بخلاف أسمائنا فإنها مجرد أعلام، فالنبي ﷺ من أسماءه محمد وأحمد والحاشر والعاقب ونحو ذلك، وقد ذكر النبي ﷺ معاني هذه الأسماء في حقه، فأسماء الله وأسماء القرآن وأسماء الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- لها دلالة، لكن لما كانت أسماء عامة الأنبياء أعجمية فإن تعليلها من ناحية العربية لا يخلو من إشكال، فهذا الاسم كان مُبتكرًا بمعنى أنه لم يُسبق إليه: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا [مريم:7]، لم يُسمَ به أحد قبله، وهذا الاسم يحمل معنى حسنًا.

ويؤخذ منه: اختيار الأسماء الحسنة للأولاد، ليس المقصود الإغراب أن يأتي الإنسان بأسماء لم يُسبق إليها، ولكن يأتي بأسماء ولو كانت مطروقة لكنها تحمل معانٍ صالحة، معانٍ حسنة، فهذا هو المشروع.

وفي قوله -تبارك وتعالى-: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ لاحظ تكرار لفظ الجلالة، وإظهاره في موضع يصح فيه الإضمار، وذلك في مقام يوجب التنويه به؛ لأن هذا مقام إنعام وتفضل وآية وخرق للعادة: مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ، وهذه الإضافة: بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ هذا يدل على خصوصية هذه البُشرى، ومُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ هذا يدل على عِظم قدرة الله حيث أولاً أوجده من غير أب وهو عيسى هو الكلمة، وتسمية الشيء بسببه، لما كان مُتسببًا عن الكلمة قيل له: كلمة، ولهذا يُقال كما في قول الشاعر:

إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه ولو كانوا غضابا[6].

هو يرعى العُشب والزرع، ترعاه دوابهم، لكن أطلق ذلك عليه باعتبار السبب، فنزول المطر من السماء هو سبب لظهور هذا النبات، إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه، رعينا ماذا؟ رعينا السماء، والسماء لا يمكن أن تكون كذلك، وإنما قصد النبات الذي يخرج من جراء ذلك.

وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ سيدًا هذا يدل على جواز إطلاق السيد على المخلوق، والنبي ﷺ قال: إن ابني هذا سيد[7]، يعني الحسن بن علي -رضي الله عنهما-.

وقال أيضًا في قصة قريظة لما جاء سعد بن معاذ ليحكم فيهم قال: قوموا إلى سيدكم[8]، يقول للأوس: قوموا إلى سيدكم، فأخذ منه أهل العلم جواز إطلاق ذلك على المخلوق، وكما في قوله تعالى: وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ [يوسف:25]، يعني: زوجها، والرجل سيد في أهله وفي بيته، والمرأة سيدة في بيتها وراعية لمن استرعاها الله فيه، لكن جاء عن النبي ﷺ أن السيد هو الله، ففهم منه بعض أهل العلم أن الممنوع هو هكذا بالتعريف والإطلاق من غير إضافة السيد، لكن تقول: فلان سيد بالتنكير، أو فلان سيد قومه بالإضافة، هذا لا إشكال، هذا سيدك، هذا سيدي ونحو هذا، فلا إشكال في ذلك.

ويؤخذ من هذه الآية الكريمة: وَسَيِّدًا وَحَصُورًا على تفسير الحصور بالعفاف عن الفواحش والمقارفات المحرمة فهذا ذكره في صفته فدل على أن هذه منقبة، أن من سلم من هذه القبائح فلم يُقارف شيئًا منها أن ذلك يكون من أعظم مناقبه: وَسَيِّدًا وَحَصُورًا.

أما القول بأنه الذي لا يأتي النساء فقد اعترض عليه بعض أهل العلم بأن ذلك ليس كمالاً، والذين قالوه قالوا: إن ذلك ليس على سبيل العجز والنقص، وإنما أنه منصرف عن هذا كله للاشتغال والطاعة والعبادة والبلاغ عن الله -تبارك وتعالى- والدعوة إلى سبيله، ونحو هذا. 

  1. أخرجه معمر بن راشد في جامعه، برقم (19687)، والبزار في مسنده، برقم (1089)، والطبراني في الكبير، برقم (326)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (3165).
  2. الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (1/ 209).
  3. انظر: تفسير البغوي (2/ 34)، وتفسير الرازي (مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير) (21/ 512).
  4. انظر: تفسير الطبري (جامع البيان) (5/ 370)، وتفسير ابن كثير (2/ 37)، وتفسير البغوي (2/ 34).
  5. تفسير الرازي (21/ 512).
  6. أدب الكاتب، لابن قتيبة (ص:97).
  7. أخرجه البخاري، كتاب الصلح، باب قول النبي ﷺ للحسن بن علي -رضي الله عنهما-: ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين، وقوله جل ذكره: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9]، برقم (2704).
  8. أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، بباب إذا نزل العدو على حكم رجل، برقم (3043)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم، برقم (1768).