قوله - تبارك، وتعالى - هنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ [سورة الصف:14]: قص الله علينا ذلك من أجل أن نقتدي بهم، كما قال في الآية الأخرى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ [سورة الصف:14]، فذكر الله ذلك من أجل أن تقتدي بهم هذه الأمة في نصرة نبيها ﷺ، والقرآن يفسر بعضه بعضا.
وقوله هنا: فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ أي مع أمة محمد ﷺ، وبعضهم يقول: اكتبنا مع الشاهدين أي: لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، ويمكن أن يعبر بعبارة أوسع من هذا كما يقول ابن جرير - رحمه الله -: بالحق، أي اكتبنا مع الشاهدين بالحق، ومن الحق الشهادة بالوحدانية، وللنبي ﷺ، وأنبيائه بالرسالة، وما إلى ذلك من المعاني الداخلة تحتها، أو: اكتبنا مع الشهداء الذين يشهدون لأممهم، فالأنبياء يشهدون، والأمم تشهد، وهذه الأمة تشهد، فلا يخص ذلك بأمة محمد ﷺ باعتبار أن هذه الأمة مما اختصها الله به أن تكون شاهدة على الأمم كما قال تعالى: َوَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ [سورة الحـج:78]، ولكن الشاهدين أوسع من هذا، فالأنبياء يشهدون، وأتباع الأنبياء أيضاً يشهدون، كما قال الله : َوَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء [سورة الزمر:69].