الأحد 06 / ذو القعدة / 1446 - 04 / مايو 2025
هَٰٓأَنتُمْ هَٰٓؤُلَآءِ حَٰجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِۦ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِۦ عِلْمٌ ۚ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"ثم قال تعالى: هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ.. الآية [سورة آل عمران:66]، هذا إنكار على من يحاجُّ فيما لا علم له به، فإن اليهود، والنصارى تحاجوا في إبراهيم بلا علم، ولو تحاجوا فيما بأيدهم منه علم مما يتعلق بأديانهم التي شرعت لهم إلى حين بعثة محمد -ﷺ لكان أولى بهم، وإنما تكلموا فيما لم يعلموا به، فأنكر الله عليهم ذلك، وأمرهم برد ما لا علم لهم به إلى عالم الغيب، والشهادة الذي يعلم الأمور على حقائقها، وجلياتها، ولهذا قال تعالى: وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [سورة آل عمران:66]".

وقوله فيها: هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ  [سورة آل عمران:66]، المقصود بذلك أنهم حينما يحاجون فيما أنزل عليهم مما بين أيدهم من كلام الله ، وما بلغهم علمه، فإن ذلك أمر سائغ، وأما محاجتهم في أمر كهذا، وهو أن إبراهيم - عليه الصلاة، والسلام - كان يهودياً، أو نصرانياً، فإن هذا أمر لا يسوغ، بل هو مناقض للعقل، والواقع، وذلك أن إبراهيم ﷺ كان قبل موسى، وعيسى بزمن طويل، فعلى كل حال هذا هو المراد بقوله تعالى: هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ [سورة آل عمران:66] - والله أعلم -.

مرات الإستماع: 0

"هَاأَنْتُمْ [آل عمران:66] (ها) تنبيه، وقيل: بدل من همزة الاستفهام، و(أنتم) مبتدأ، و(هَؤُلاءِ) خبره، و(حَاجَجْتُمْ) استئناف، أو (هَؤُلاءِ) منصوب على التخصيص، و(حَاجَجْتُمْ) الخبر."

هَاأَنْتُمْ [آل عمران:66] (ها) تنبيه، وقيل: بدل من همزة الاستفهام، و(أنتم) مبتدأ، و(هَؤُلاءِ) خبره، و(حَاجَجْتُمْ) استئناف، يعني جملة مستأنفة، مبينة للجملة التي قبلها هَاأَنْتُمْ أنتم هؤلاء حاججتم، أنتم هؤلاء الأشخاص الحمقى كما يقول بعض المفسرين، وبيان حماقتكم، وقلة عقولكم: أنكم جادلتم هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ أنكم جادلتم فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ بما نطق به التوراة، والإنجيل فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ.

وبعضهم يقول: حَاجَجْتُمْ في محل نصب حال هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ حال كونكم حاججتم، والعامل في الحال اسم الإشارة (هؤلاء)؛ لما فيه من معنى الفعل، وبعضهم يقول: بأن (هؤلاء) - هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ - خبر، لكن على تقدير حذف مضاف، ها أنتم مثل هؤلاء، يصير (هؤلاء) مضاف إليه، وهو خبر، في محل رفع خبر، وجملة حَاجَجْتُمْ في محل نصب حال، لكن العامل في الحال هنا عند هؤلاء معنى التشبيه المستفاد من مثل المحذوفة هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ مثل هؤلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ [آل عمران:66] أو هؤلاء منصوب على التخصيص، هاأنتم هؤلاء، أخص هؤلاء، وحاججتم الخبر، فيما لكم به علم.

"فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ [آل عمران:66] فيما نطقت به التوراة، والإنجيل فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ [آل عمران:66] ما تقدم على ذلك من حال إبراهيم."

الدعوة أنه كان يهوديًّا، أو نصرانيًّا.