قوله: لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ لللبس المقصود به الخلط، أي لِمَ تخلطون الحق بالباطل؟ ومن أهل العلم من يقول: إن هذا الخلط المقصود به خلط اليهودية، والنصرانية بالإسلام، وهذا فعلاً من لبس الحق بالباطل، ومنهم من يقول كابن جرير: إن المراد بذلك إظهار الإيمان باللسان، والبقاء على يهوديتهم، أو نصرانيتهم في قلوبهم، يعني حينما أظهروا ذلك حيث منهم من أظهر هذا - كما سيأتي - بدليل قوله تعالى: وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [سورة آل عمران:72].
وعلى كل حال لبس الحق بالباطل يدخل فيه هذا، فكل ذلك من لبس الحق بالباطل، ويدخل فيه أيضاً، والله أعلم ما كانوا يحرفونه، ومنه ما يحصل من ليِّهم ألسنتهم بالكتاب من أجل أن يوهموا أنه من كتاب الله ، وليس كذلك، ويحصل أيضاً بأنواع التحريف، كتحريف الألفاظ، وتحريف المعاني، فهذا كله من خلط الحق بالباطل، إلى غير ذلك مما يحصل به هذا التخليط.