روى وكيع في تفسيره عن عمرو بن ميمون: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ قال: البر الجنة".
لما ذكر الله حال الكافرين، وبين أن ما يبذلونه من النفقات التي يتقربون بها إلى الله مردود، وأنه مهما بذلوا من أجل فكاك أنفسهم من عذاب الله فإن ذلك لن يحصل لهم؛ فالعذاب أمر واقع بهم لا محالة، خاطب الله بعد ذلك المؤمنين ببيان ما ينفعهم، ويوصلهم، ويبلغهم الدرجات العُلى عند الله - تبارك، وتعالى -، وتحصيل مرضاته، وما يدخلهم جنته فقال: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [سورة آل عمران:92].
و"من" في قوله: مِمَّا تُحِبُّونَ تحتمل أن تكون بيانية، وتحتمل أن تكون تبعيضية، ويؤيد القول بأنها تبعيضية قراءة شاذة لابن مسعود ، وفيها: "بعض ما تحبون" أي: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا بعض ما تحبون"، بمعنى أن الإنسان لا ينفق كل ما يحب، وإنما ينفق بعض ما يحب.
كانت مستقبلة المسجد من جهة الشمال، وهي الآن داخلة في المسجد، فإذا جئت المسجد من باب عمر، أو الباب المجيدي اللذين في الجهة الخلفية، فهي على يسارك قليلاً أي أنها كانت في غاية القرب من المسجد.
وفي الصحيحين أن عمر قال: يا رسول الله لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر، فما تأمرني به؟ قال: حبِّس الأصل، وسبل الثمرة[2]".
الأمثلة على هذا التصرف من أصحاب النبي ﷺ، وغيرهم كثيرة، ومن ذلك أن زيد بن حارثة لما سمع هذه الآية جاء بفرس له يقال له: "سَبَل"، ودفعه إلى رسول الله ﷺ ليجعله في سبيل الله.
ومن ذلك فعْل ابن عمر في جاريته الرومية "مرجانة" التي كان يحبها غاية الحب، فأعتقها، وكذلك عمر في جارية من سبي جلولاء، وغير ذلك مما كانوا يفعلونه في تحري هذا المعنى، وهو بذل ما يحبون في سبيل الله.
- أخرجه البخاري في كتاب التفسير - باب تفسير سورة آل عمران (4279) (ج 4 / ص 1659)، ومسلم في كتاب الزكاة - باب فضل النفقة، والصدقة على الأقربين، والزوج، والأولاد، والوالدين، ولو كانوا مشركين (998) (ج 2 / ص 693).
- أخرجه البخاري في كتاب الشروط - باب الشروط في الوقف (2586) (ج 2 / ص 982)، ومسلم في كتاب الوصية – باب الوقف (1632) (ج 3 / ص 1255).