الخميس 29 / ذو الحجة / 1446 - 26 / يونيو 2025
يَٰبُنَىَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلْأُمُورِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ أي: بحدودها وفروضها وأوقاتها، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ أي: بحسب طاقتك وجهدك، وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ، علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لابد أن يناله من الناس أذى، فأمره بالصبر.

وقوله: إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ أي: إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور.

أَقِمِ الصَّلاةَ قال: أي بحدودها وفروضها وأوقاتها؛ لأن هذه هي حقيقة الإقامة، فما زاد شيئاً على ما جاء به النص، فإن إقامتها تقتضي ذلك، هذه حقيقة إقامة الصلاة، قال: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، والمعروف: هو كل ما أمر الله به وأمر به رسوله ﷺ، هو ما عرف عند أهل الفضل والصلاح والفطر السوية أنه خير وبر عرفه أهل الإيمان، والمنكر بخلافه.

يقول: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ، قال: أي إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور، ومعنى مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ بعضهم يقول: أي مما جعله الله عزيمة، جعله عزيمة وأوجبه على عباده، يعني هناك عندنا رخص وعزائم، فالصبر صبر الإنسان على ما أصابه، الصبر واجب، والرضا فوقه مستحب، وأعلى من ذلك الشكر على هذا في حال المصيبة، الأمور التي تحصل للإنسان المؤلمة تكرهها نفسه، فهو مأمور بالصبر عليها، فذلك واجب، فهو من العزائم ولهذا يقول بعضهم: إن ذلك مما أمر الله  به عباده عزماً منه عليهم، إن ذلك لمن عزم الأمور، عزماً من الله على العباد أن يصبروا، وابن جرير - رحمه الله - يقول: يحتمل أن يكون المعنى أن ذلك من مكارم أهل الأخلاق وعزائم أهل الحزم، السالكين طريق النجاة، وبهذا أيضاً فسرها به القرطبي - رحمه الله -، إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ، مما يعزم عليه، أو بمعنى أن ذلك مما أوجبه الله على عباده، أو أن ذلك من الأمور التي يعزم عليها.