الأحد 28 / شوّال / 1446 - 27 / أبريل 2025
مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥ ۖ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِى ٱلَّذِينَ خَلَوْا۟ مِن قَبْلُ ۚ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا [سورة الأحزاب:38].

يقول تعالى: مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ أي: فيما أحل له وأمره به من تزويج زينب - ا - التي طلقها دَعِيُّه زيد بن حارثة .

والفرض يأتي أيضاً لمعانٍ منها التقدير، التقدير فيما قدر الله، فيما أباح له.

وقوله تعالى: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ أي: هذا حكم الله تعالى في الأنبياء قبله، لم يكن ليأمرهم بشيء وعليهم في ذلك حَرج، وهذا رَدٌّ على مَنْ تَوَهَّم مِن المنافقين نقصاً في تزويجه امرأة زيد مولاه ودَعيه، الذي كان قد تبناه.

سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ، هذا متعلق بما قبله مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ، فسنته - تبارك وتعالى - في الأنبياء قبله أنه لم يكن ليؤثمهم فيما أمرهم به أو فيما شرعه لهم، وقوله: سُنَّةَ اللَّهِ يمكن أن يكون بمعنى حقاً من الله، ويمكن أن يكون النصب على نزع الخافض يعني: كسنة الله، ويمكن أن يكون ذلك على الإغراء: الزموا سنة الله.

إذا قيل بأنه بمعنى حقاً على الله، يعني يكون المعنى كأنه قال: فعلنا ذلك سنة منا، سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ، سُنَّةَ اللَّهِ فعلنا ذلك سنة منا.

وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا أي: وكان أمره الذي يقدِّره كائنًا لا محالة لا محيد عنه ولا معدل، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.

القدَر بعضهم يفسره بإيجاد الشيء على صفة وكمية ووقت محدد، هذا القدَر، وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا، فيقولون: إنه مشتق من القدْر وهو الكمية المضبوطة المحددة، فالله - تبارك وتعالى - أعلم بما كان وما يكون، وشاء وأراد ذلك وكتبه وخلقه، فهذه مراتب القدر الأربع، يعني لابد من وقوعه.

فهو إيجاد الشيء بصفة وكمية ووقت محدد، وبعضهم يقول: إنه مأخوذ من القدْر وهو الكمية المضبوطة المحددة، ولما كان من لوازم هذا المعنى أن يكون مضبوطاً محكماً كثرت الكناية بذلك، يعني بالقدر وإتقان.