يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًا وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا [سورة الأحزاب:45-48].
روى الإمام أحمد عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص - ا - فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله ﷺ في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لست بفظ ولا غليظ ولا سَخّاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضَه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن لا إله إلا الله، فيفتح بها أعينا عمياً، وآذانا صماً، وقلوباً غلفاً"[1]. وقد رواه البخاري في البيوع والتفسير.
هو سأل عبد الله بن عمرو باعتبار أن ابن عمرو حصّل زاملتين - كما هو معلوم - في يوم اليرموك من كتب أهل الكتاب، فكان يقرأ منها.
كُمْهاً يعني: أعيناً عمياً، كما في الذي قبله.
النبي ﷺ قال: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج[2]، وهذا من هذا، وبعض المفسرين يذكر أشياء مما ورد في كتبهم من صفة النبي ﷺ والبشارة به عند قوله - تبارك وتعالى -: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [سورة الصف:6]، يوجد في تفسير الرازي مثلاً، وكذلك في فتح البيان لصديق حسن خان، وهو في الواقع إعادة نسْخ وبعض الإضافات لكتاب فتح القدير للشوكاني إلا أنه زاد بعض الزيادات، وهذا من الزيادات، نقل من بعض الكتب أشياء من هذا القبيل، وتجد في المقابل من يشنع وينكر هذه الأشياء وأنه لم يجدها في كتبهم، تجد هذا لدى بعض المتأخرين مثل الشيخ محمد رشيد رضا، وفي غير كتب التفسير يوجد من هذا أشياء في مثل كتاب "إظهار الحق" وهو كتاب جيد في مناظرة النصارى والرد عليهم، للعالم الهندي الكيرانوي، مطبوع في مجلدين، فيه أشياء من هذا القبيل.
جمع بين معنيين، أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا، شاهداً بماذا؟ بالتوحيد لله ، والمعنى الثاني: أنه شاهد على الناس، فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا [سورة النساء:41]، هو شاهد عليهم، فجمع بين المعنيين، وكل ذلك يصدق على النبي ﷺ، وهذا كثير في هذا التفسير، يذكره ابن كثير - رحمه الله - كثيراً بهذه الطريقة التي قد لا يقف عندها القارئ، ولكن إذا نظر في أقوال المفسرين عرف قدر عبارته.
قال: وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا، كقوله: لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا.
وقوله : وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا أي: بشيراً للمؤمنين بجزيل الثواب، ونذيراً للكافرين من وبيل العقاب
- رواه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة الفتح، برقم (4558)، وأحمد في المسند، برقم (6622)، وقال محققوه: "حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير موسى بن داود، فمن رجال مسلم، إلا أن فليح بن سليمان -وإن كان ينحط عن رتبة الصحيح- متابع".
- رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، برقم (3274).