السبت 05 / ذو القعدة / 1446 - 03 / مايو 2025
وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُوا۟ فَقَدِ ٱحْتَمَلُوا۟ بُهْتَٰنًا وَإِثْمًا مُّبِينًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وهذا هو البهت الكبير، أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه، على سبيل العيب والتنقص لهم، ومِن أكثر مَنْ يدخل في هذا الوعيد الكفرةُ بالله ورسوله ثم الرافضة الذين يتنقصون الصحابة ويعيبونهم بما قد بَرّأهم الله منه، ويصفونهم بنقيض ما أخبر الله عنهم؛ فإن الله ، قد أخبر أنه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم، وهؤلاء الجهلة الأغبياء يسبونهم ويتنقصونهم، ويذكرون عنهم ما لم يكن ولا فعلوه أبدا، فهم في الحقيقة منكسو القلوب يذمون الممدوحين، ويمدحون المذمومين.

في قوله: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا قيده بهذا القيد بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا، وفي أذية الله ورسوله لم يذكر هذا القيد، والسبب في هذا ظاهر، وهو أن أذية الله ، وأذية النبي ﷺ لا يمكن أن تكون بوجه من الحق، وأما أذية المؤمنين فقد تكون على سبيل المقابلة والمقاصة والانتصار ممن ظلمه وآذاه، فقيدها بهذا القيد، بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا يعني: بيناً ظاهراً، وهذه الأذية أيضاً - كما يقال فيما قبله - عامة، يصدق فيها الأذى بالقول والأذى بالفعل.

وروى أبو داود عن أبي هريرة، أنه قيل: يا رسول الله، ما الغيبة؟ قال: ذكرُكَ أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه[1]، وهكذا رواه الترمذي ثم قال: حسن صحيح
  1. رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الغيبة، برقم (2589).