السبت 09 / محرّم / 1447 - 05 / يوليو 2025
وَٱمْتَٰزُوا۟ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ۝ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ۝ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ۝ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاً كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ [سورة يس:59-62].

يقول تعالى مخبرًا عمّا يئول إليه حال الكفار يوم القيامة من أمره لهم أن يمتازوا بمعنى: يتميزون عن المؤمنين في موقفهم كقوله تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ [سورة يونس:28]، وقال تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [سورة الروم:14]، يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ [سورة الروم:43] أي: يصيرون صَدْعَيْن فرقتين، احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ۝ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ [سورة الصافات:22-23]".

امتازوا يعني عن المؤمنين، هذا الذي ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله -، وبعض السلف كالضحاك يقول: يمتاز المجرمون عن بعضهم فتكون كل طائفة من طائفة الكفر بمفردها، يحشرون جميعاً مجتمعين مع نظرائهم كما قال الله : احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ يعني مع نظرائهم، امتازوا يعني يتميز بعضهم عن بعض، فاليهود مع بعضهم، والنصارى مع بعضهم، كما دلت السنة على  ذلك، وأن كل أمة تؤمر أن تتبع ما كانت تعبد، فلو قال قائل - والله تعالى أعلم -: إن قوله: وَامْتَازُوا يشمل هذا وهذا، فهم يمتازون عن أهل الإيمان، يفصلون عنهم، فالمؤمنون يحشرون مع بعضهم، والكفار يحشرون مع بعضهم، وكل طائفة من طوائف الكفار تتميز عن غيرها، فاليهود مع اليهود، والنصارى مع النصارى، ومن يعبد الأصنام مع أشكاله، ونظرائه احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ أزواجهم ليس المقصود الزوجات؛ وإنما المقصود مع نظرائهم، وإلا فقد تكون زوجته مؤمنة كما هو الحال بالنسبة لفرعون مثلاً، والعكس قد يكون الرجل مؤمناً وزوجته ليست كذلك كما في نوح ﷺ ولوط - عليه الصلاة والسلام -، فتحشر كل طائفة مع بعضها.