الخميس 14 / محرّم / 1447 - 10 / يوليو 2025
فَنَبَذْنَٰهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"ولهذا قال تعالى: فَنَبَذْنَاهُ أي: ألقيناه بِالْعَرَاءِ قال ابن عباس، وغيره: "وهي الأرض التي ليس بها نبت ولا بناء".

وَهُوَ سَقِيمٌ أي: ضعيف البدن".

قال هنا: فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ، وفي سورة القلم: لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء [سورة القلم:49] وهو ماذا؟ وَهُوَ مَذْمُومٌ، قال: لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ يعني أنه قد فعل ما يستحق عليه الذم قال في القلم: لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ، وهنا قال الله - تبارك وتعالى -: فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ وليس هناك تعارض، فهنا أثبت أنه مريض، وهذا يشعر أنه بقي في بطن الحوت مدة، والثانية لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ لولا حرف امتناع لوجود، فلولا وجود هذه النعمة التي تداركه الله بها لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ إذاً لم يحصل ذلك لوجود النعمة، لم يحصل له النبذ بهذا الوصف، لم يحصل له النبذ بالعراء مقترناً بهذا الوصف، وَهُوَ مَذْمُومٌ لوجود النعمة التي تداركه الله بها، فهذا لم يحصل؛ لأن الله أنعم عليه، لكن المثبت أنه نبذ بالعراء وهو سقيم يعني أثبت وصفاً، ونفى آخر.

وهنا وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ۝ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ۝ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ۝ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ، هناك لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ، وهنا فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ يقول: ألامَ الرجلُ إذا أتى بما يلام عليه، اللوم، تقول: ما الذي حملك على هذا؟ لماذا فعلت هذا؟ واللوم غير الذم، يعني وَهُوَ مَذْمُومٌ إذا أتى بما يلام عليه وإن لم يحصل له لوم، يعني وإن لم يلمه أحد، مليم، يعني قد جاء بما يلام عليه وإن لم يلمه على ذلك أحد في الواقع، فهذا بالنسبة للوم، فأثبته هنا حال التقام الحوت له وَهُوَ مُلِيمٌ جاء بما يستحق عليه اللوم، وإن لم يلمه أحد على هذا لكن حينما نبذ بالعراء كان سقيماً لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ من الله - تبارك وتعالى - عليه لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ لكنه لم ينبذ بهذه الصفة، فصار عندنا ثلاثة أشياء حال التقام الحوت جاء بما يستحق عليه اللوم، لمّا نبذ بالعراء كان سقيماً، ولولا نعمة الله عليه لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ.