النصب في قوله سبحانه: يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا يحتمل أمرين:
أن يكون النصب على المصدرية، أي أكل ظلم.
أن يكون النصب على الحالية أي ظالمين لهم، والقيد بقوله: (ظلما) يعد صفة معتبرة، بخلاف قوله سبحانه: وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ [سورة الأنعام:38]، وقوله سبحانه: وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ [سورة آل عمران:112]، فيعد صفة كاشفة.
وأما العقاب المنتظر للمتطاولين ظلماً، وجوراً على أموال اليتامى فإنهم يوم القيامة: إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا، وعبر بالنار؛ لأنها سبب لها من باب إطلاق المسبب على السبب.
وقد قرأ عاصم، وابن عامر قوله سبحانه: وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا، بضم الياء وَسَيُصْلَوْنَ سَعِيرًا، والمعنى أي: يدخلونها، أو يحترقون فيها، وأصل مادة يصلون: مباشرة النار، والاكتواء بلهيبها، تقول: اصطليت بالنار إذا تسخنت، واستدفأت بها من البرد، أو نحو ذلك.
ويقال: صلاها إذا عرض عليها، تقول العرب: صليت اللحم بمعنى عرضته على النار، ومنه قوله : لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى [سورة الليل:15]، والقولان متلازمان.
والسعير: يطلق على الجمر الملتهب المشتعل، ويطلق أيضاً على شدة حر جهنم، فيقال له: سعير، - والله أعلم بالصواب -.
- رواه البخاري في كتاب الوصايا – باب قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [سورة النساء:10] برقم (2615) (3/11017)، ومسلم في كتاب الإيمان – باب بيان الكبائر وأكبرها برقم (89) (1/92).