الخميس 24 / ذو القعدة / 1446 - 22 / مايو 2025
يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِىٓ أَوْلَٰدِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَٰحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَٰحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُۥ وَلَدٌ وَوَرِثَهُۥٓ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُۥٓ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ ۚ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ۗ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا [سورة النساء:11]
هذه الآية الكريمة، والتي بعدها، والآية التي هي خاتمة هذه السورة، هن آيات علم الفرائض، وهو مستنبط من هذه الآيات الثلاث، ومن الأحاديث الواردة في ذلك مما هو كالتفسير لذلك، ولنذكر منها ما هو متعلق بتفسير ذلك، وقد ورد الترغيب في تعلم الفرائض، وهذه الفرائض الخاصة من أهم ذلك، قال ابن عيينة: إنما سَمّى الفرائضَ نصفَ العلم؛ لأنه يبتلى به الناس كلهم." 

وقال بعضهم: لأن الأحكام التي تتصل بالإنسان منها ما يتصل به في حال الحياة، ومنها ما يتصل به بعد الموت، والفرائض هي من الأحكام المتصلة بالإنسان بعد الموت، فكانت نصف العلم بهذا الاعتبار، وهذا التعبير يمكن أن يعبر به لبيان أهمية الشيء، ومنزلته، كما يقال في موت بعض أئمة العلم، والراسخين فيه: مات اليوم نصف العلم؛ لبيان قدره في العلم، وما يفوت العباد بسبب موته، كما قيل لعمر لما مات.
"وروى البخاري عند تفسير هذه الآية عن جابر بن عبد الله - ا - قال: عادني رسول الله ﷺ، وأبو بكر في بني سلمة ماشيين، فوجدني النبي ﷺ لا أعقل شيئاً، فدعا بماء، فتوضأ منه، ثم رش عليّ فأفقت، فقلت: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله، فنزلت: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ، وكذا رواه مسلم، والنسائي، ورواه الجماعة كلهم[1].
حديث آخر عن جابر في سبب نزول الآية، روى أحمد عن جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله ﷺ، فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قتل أبوهما معك في يوم أحد شهيداً، وإن عمهما أخذ مالهما، فلم يدع لهما مالاً، ولا ينكحان إلا ولهما مال، قال: فقال: يقضي الله في ذلك، قال: فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول الله ﷺ إلى عمهما فقال: أعط ابنتيْ سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك[2].
وقد رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه."

آية المواريث هي قوله سبحانه: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ...، وهذا الحديث سكت عنه الحافظ، وسكوته عن الحديث يعنى أنه ضعيف، وحسنه الشيخ الألباني - رحمه الله - .
"والظاهر أن حديث جابر الأول إنما نزل بسببه الآية الأخيرة من هذه السورة كما سيأتي."

وهي آية الكلالة: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ [سورة النساء:176].
"فإنه إنما كان له إذ ذاك أخوات، ولم يكن له بنات، وإنما كان يورث كلالة، ولكن ذكرنا الحديث هاهنا تبعاً للبخاري - رحمه الله - فإنه ذكره هاهنا، والحديث الثاني عن جابر أشبه بنزول هذه الآية، - والله أعلم -.
"وقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ أي: يأمركم بالعدل فيهم، فإن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث، فأمر الله - تعالى - في التسوية بينهم في أصل الميراث، وفاوت بين الصنفين، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤنة النفقة، والكلفة، ومعاناة التجارة، والتكسب، وتجشم المشقة، فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى."

وقد بيّن الله - سبحانه - العلة في التفاوت بين الذكر، والأنثى في الآية الأخرى بقوله سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ [سورة النساء:34]؛ فلأنه مطالب بالنفقة، والتكسب، و... كان هذا التفاضل، - والله أعلم -.
وأما الأولاد فجمع مضاف إلى المعرفة، وهذا يدل على العموم، أي: كل ولد لكم، واستثنى أهل العلم أصنافاً من الناس لأوصاف معينة قامت بهم منعوا لأجلها من الميراث، وهم:
أولاد الأنبياء؛ لقوله ﷺ: لا نورث ما تركنا صدقة[3]، ولذلك لم يورثوا فاطمة - ا - لما جاءت لأبي بكر تطالب بنصيبها من الميراث.
والولد الكافر بالإجماع، لما جاء من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر[4]، وكذا القاتل، والرقيق أي: الولد إذا كان مسترقاً فإنه لا يملك، فهذه من موانع الإرث، - والله أعلم -.
"وقد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ، أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالد بولده، حيث أوصى الوالدين بأولادهم؛ فعلم أنه أرحم بهم منهم، كما جاء في الحديث الصحيح، وقد رأى امرأة من السبي تدور على ولدها، فلما وجدته من السبي أخذته فألصقته بصدرها، وأرضعته، فقال رسول الله ﷺ لأصحابه: أترون هذه طارحة ولدها في النار، وهي تقدر على ذلك، قالوا: لا يا رسول الله، فقال: فوالله لله أرحم بعباده من هذه بولدها[5]."

مع أن عطف الأب، وحنوه، وحرصه على أبنائه هو جبلة جبله الله عليها، إلا أن الرب - سبحانه - مع ذلك يوصي الآباء بالأبناء إشارة على عظم رحمته سبحانه، ولطفه، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن أرجى آية في كتاب الله آية الدين؛ لكثرة الاحتياط فيها لمال المسلم؛ لئلا يضيع، فما بالك بالمسلم الذي هو عند الله أعظم شأناً، وحرمة من ماله، ولكن المشهور أن أرجى آية هي قوله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ [سورة الزمر:53].
"وروى البخاري هاهنا عن ابن عباس - ا - قال: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، والثلث، وجعل للزوجة الثمن، والربع، وللزوج الشطر، والربع."

وهذه الآية ناسخة لما كان عليه الناس في أول الإسلام من التوارث بالهجرة، والولاء، والمعاقدة؛ لينتقل التوارث بعد ذلك فيصير في القرابات فحسب.
"وقوله: فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ، قال بعض الناس: قوله فوق، زائدة، وتقديره: فإن كن نساء اثنتين، كما في قوله: فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ [سورة الأنفال:12]، وهذا غير مسلم لا هنا، ولا هناك، فإنه ليس في القرآن شيء زائد لا فائدة فيه، وهذا ممتنع."

ما حمل القائلون على القول بأن كلمة فوق في الآية زائدة هو استشكالهم للمعنى، إذ يفهم من الآية لو أعملنا كلمة "فوق" أن الواحدة، والثلاث، والأكثر من الزوجات يرثن، وأما الاثنتان فلا، كما هو ظاهر الآية، مع أن المشهور أن الاثنتين فما زاد لهن الثلثان، لكن أهل العلم يقولون: إن التعبير بالزيادة في القران غير ملائم، وأن من مقتضى التأدب مع القرآن أنه لا يعبر بذلك، ولذلك يعبرون بالصلة في الزيادات، كزيادة ما، ولا  في قوله سبحانه: لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [سورة البلد:1]، ويجعلونها تأكيداً للقسم.
ومما يذكر في هذا المقام أن الزيادة لا تأتي في الأسماء، والظروف، وإنما تكون الزيادة في الحرف فحسب، كما هو متفق عليه بين أرباب هذا الفن، ولذا لا يسلم للقائلين بأن فوق في الآية زائدة لا في آية المواريث، ولا في سورة الأنفال عند قوله سبحانه: فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ [سورة الأنفال:12] إذ ليس المعني اضربوا الأعناق، وإنما لفظة فوق لها معنى ذكرته العرب في أشعارها، وكلامها، فإنهم يذكرون أن موضع الضرب للأعناق فوق الرقبة، أو أعلى الرقبة أشفى، وأنفى؛ لأن الضرب في هذا الموضع أسرع في قطع الرءوس، وتطاير الجماجم، وهذا الأمر توجيه من الله ليعلم المقاتلة كيف، وأين يضربون، ومثله قوله: وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ [سورة الأنفال:12] حمله بعض المفسرين على البنان خاصة، فإن العدو إذا ضربت أطراف بنانه لم يستطع أن يمسك السيف، ولا الرمح، ولا الحربة، ولا يرمي بالسهم فتنشل حركته، وتتعطل من العضو منفعته، فهو درس لهم في فنون القتال، وكيف يفتكون بعدوهم.
يقول صاحب المراقي:
............................ ولم يكن في الوحي حشو يقع
ولذلك قيل: إن زيادة المبنى زيادة في المعنى.
"ثم قوله: فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ، لو كان المراد ما قالوه، لقال: فلهما ثلثا ما ترك."

مراد ابن كثير أن فَوْقَ لو كانت زائدة في الآية لما عقب بعدها بقوله: فَلَهُنَّ؛ لأن لهن تستعمل للجمع، ولقال: فلهما بالتثنية تأكيداً على زيادتها.
"وإنما استفيد كون الثلثين للبنتين من حكم الأختين في الآية الأخيرة."

المقصود بها آية الكلالة: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [سورة النساء:176]، وكذلك أخذ بعض أهل العلم كالشيخ الشنقيطي - رحمه الله - أن الاثنتين لهما الثلثان من آية أخرى، وهي قوله: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ باعتبار أن للأنثيين حال يكون حظهما الثلثين، وقد ثبت توريث البنتين الثلثين في السنة المطهرة.
"فإنه تعالى حكم فيها للأختين بالثلثين، وإذا ورث الأختان الثلثين فلأن يرث البنتان الثلثين بطريق الأولى، وقد تقدم."

وإنما كانت البنتان أولى من الأخوات؛ لأنهما أعلق قربة، وأمس رحماً، وألصق صلة، وأقوى، وشيجة بالميت من غيرهما، وهذا ما يعرف عند الأصوليين بفحوى الخطاب: وهو ما كان المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق كقوله تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ [سورة الإسراء:23] فدل تحريم التأفيف على تحريم الضرب من باب أولى، وبعض الأصوليين يسمي هذا النوع قياساً، وآخرون يسمونه مفهوم الموافقة الأولوي، وبعضهم يعبر عنه بغير ذلك، - والله أعلم -.
"وقد تقدم في حديث جابر : أن النبي ﷺ حكم لابنتي سعد بن الربيع بالثلثين، فدل الكتاب، والسنة على ذلك.
وأيضاً فإنه قال: وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ فلو كان للبنتين نصف لنص عليه أيضاً."

وفي القراءة الأخرى بالرفع: وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةٌ فَلَهَا النِّصْفُ باعتبار أن كان تامة، والمعنى إن وجدت واحدة.
"فلما حكم به للواحدة على انفرادها دل على أن الثنتين في حكم الثلاث، - والله أعلم -."

وهذا ما يسمى عند الأصوليين بمفهوم الشرط، والمعنى على مفهوم الشرط: فإن لم تكن واحدة أي: اثنتين فأكثر فلهن أكثر من النصف، وهذا المفهوم موافق لمقتضى الأدلة المثبتة لنصيب الثلثين للبنتين من التركة، ولقد نقل بعضهم الإجماع على ذلك، وما خالف في المسألة إلا ابن عباس ، وثبت أنه تراجع عن قوله، وإلى هذا ذهب عامة أهل العلم، ومفهوم الشرط عند الأصوليين أقوى من مفهوم الظرف الوارد في قوله سبحانه: فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ [سورة النساء:11]، إذ المعنى على مفهوم الظرف فإن كن دون ذلك فلا يستحقان الثلثان، وهذا خلاف المراد.
فائدة: المفاهيم أنواع:
الأول: مفهوم النفي، والاستثناء، مثاله: - لا إله إلا الله -، وهو أعلاها، وبعضهم يعده من قبيل المنطوق.
يقول صاحب نظم منظومة مراقي السعود:
أعلاه لا يرشد إلا العلم فما لمنطوق بضعف انتمى
الثاني: مفهوم الشرط.
الثالث: مفهوم الصفة.
الرابع: مفهوم الظرف.
الخامس: مفهوم العدد، ويأتي في مؤخرتها.
السادس: مفهوم اللقب، وهو أضعفها، ولا يحتج به، واليه أشار ناظم المراقي بقوله:
أضعفها اللقب
وهْو ما أُبي من دونه نظم الكلام العربي
والمعنى أنه لا يستفاد من اللقب إلا انتظام الكلام ليعرف المراد.
"وقوله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ [سورة النساء:11] إلى آخره، الأبوان لهما في الميراث أحوال:
أحدها: أن يجتمعا مع الأولاد فيفرض لكل واحد منهما السدس، فإن لم يكن للميت إلا بنت واحدة فرض لها النصف، وللأبوين لكل واحد منهما السدس، وأخذ الأب السدس الآخر بالتعصيب، فيجمع له، والحالة هذه بين الفرض، والتعصيب.
الحال الثاني: أن ينفرد الأبوان بالميراث، فيفرض للأم، والحالة هذه الثلث، ويأخذ الأب الباقي بالتعصيب المحض، ويكون قد أخذ ضعفي ما فرض للأم، وهو الثلثان، فلو كان معهما، والحالة هذه زوج، أو زوجة أخذ الزوج النصف، والزوجة الربع، ثم تأخذ الأم بعد فرض الزوج، والزوجة ثلث الباقي في المسألتين؛ لأن الباقي كأنه جميع الميراث بالنسبة إليهما، وقد جعل الله لها نصف ما جعل للأب فتأخذ ثلث الباقي، ويأخذ الأب ثلثيه."

ما ذكره ابن كثير من كون الأم تأخذ ثلث المال الباقي في الصورة الثانية، هذا الذي عليه عامة أهل العلم، وبهذا الاعتبار يكون نصيب الأب - زوج الأم - غالباً أكثر من نصيب الأم، والعلة ما ذكرناه من أن الرجل ينتظر الزيادة دائماً، والمرأة تنتظر النقص دائماً، وخالف في المسألة ابن عباس - ا - إذ يرى أنها تأخذ ثلث المال من أصله، لا ثلث الباقي.
"والحال الثالث من أحوال الأبوين: وهو اجتماعهما مع الإخوة، سواء كانوا من الأبوين، أو من الأب، أو من الأم."

كما يدل عليه إطلاق الإخوة في الآية فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ.
"فإنهم لا يرثون مع الأب شيئاً، ولكنهم مع ذلك يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس."

وهذا ما يسمى بحجب النقصان، وإنما نقص نصيب الأم ليزيد نصيب الأب لكونه صاحب النفقة، ومشاقّ البيت، ومتطلباته غالباً تكون على كاهله، فكانت هذه الزيادة في سهمه؛ ليستعين بها على تكاليف من كلف بالقيام على شئونهم، - والله أعلم -.
"فيفرض لها مع، وجودهم السدس فإن لم يكن، وارث سواها، وسوى الأب أخذ الأب الباقي، وحكم الأخوين فيما ذكرناه كحكم الإخوة عند الجمهور."

وبعض أهل العلم ينقل الإجماع على هذا، ولم يخالف في المسألة إلا ابن عباس.
"وروى ابن أبي حاتم عن قتادة قوله: فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ أضروا بالأم، ولا يرثون، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث، ويحجبها ما فوق ذلك، وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم عن الثلث أن أباهم يلي إنكاحهم، ونفقته عليهم دون أمهم، وهذا كلام حسن."

والجد بمنزلة الأب فيحجب الإخوة، وهو قول أبي بكر، وأبي الدرداء، ومعاذ، وعائشة -، وكثير من أصحاب النبي ﷺ .
 وخالف في هذه المسألة علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وجماعة فروا أن الإخوة الأشقاء، أو لأب يرثون مع الجد، وهذه المسألة من المسائل القليلة التي اختلف فيها الصحابة .
"وقوله: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ أجمع العلماء سلفاً، وخلفاً أن الديْن مقدم على الوصية، وذلك عند إمعان النظر يفهم من فحوى الآية الكريمة."

وفي قراءة ابن كثير، وابن عامر، وعاصم بفتح الصاد مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَي بِهَا، وللعلماء كلام في تقديم الوصية على الديْن في الآية، مع أن الدين في الأصل مقدم على الوصية، فبعض أهل العلم يرى أن التقديم بالذكر لا يدل على شيء في الآية؛ لأن المقصود هو التقديم على قسم الميراث، فينظر إلى الوصية، والدين الذي على الميت، فيخرج ذلك قبل أن يقسم المال على الورثة، ولا اعتبار للترتيب الوارد في الآية.
وقال آخرون: قدمت الوصية؛ لأنها دون الدين، وهي حق لغير الورثة، وعادة ما تكون من حظ الفقراء، والمساكين فيخشى أن تضيع، أو يفرط بها لانعدام المُطالِب، أما الدين فهو حق ثابت يتعلق بالغير له مطالبين به، وعليه حجة غالباً.
وقيل: قدمت الوصية لكثرة وقوعها، فإن غالب من يترك مالاً يوصي، فقدمت لهذا الاعتبار.
وقيل: قدمت الوصية؛ لأنها ناشئة من الميت، بخلاف الدين فهو شيء واقع حاصل ثابت ما ينسى، ولا يضيع.، وقيل: قدمت الوصية؛ لكونها تُخرج بلا عوض فأشبهت الميراث، والذي يخرج بلا عوض عادة ما تتباطأ النفوس في إيفائه، وتتثاقل الهمم في إخراجه.
فهذه أمور يلتمسها بعض العلماء - رحمهم الله - في سبب تقديم الوصية على الدين، -  والله أعلم بالصواب -.
"وقوله: آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً [سورة النساء:11] أي: إنما فرضنا للآباء، والأبناء، وساوينا بين الكل في أصل الميراث، على خلاف ما كان عليه الأمر في الجاهلية، وعلى خلاف ما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من كون المال للولد، وللوالدين الوصية كما تقدم عن ابن عباس - ا -، إنما نسخ الله ذلك إلى هذا ففرض لهؤلاء، ولهؤلاء بحسبهم؛ لأن الإنسان قد يأتيه النفع - الدنيوي، أو الأخروي، أو هما - من أبيه ما لا يأتيه من ابنه، وقد يكون بالعكس، ولهذا قال آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً أي: كأن النفع متوقع، ومرجو من هذا، كما هو متوقع، ومرجو من الآخر، فلهذا فرضنا لهذا، ولهذا، وساوينا بين القسمين في أصل الميراث، - والله أعلم -."

فلا يدرى الإنسان من هو أقرب له نفعاً في الدنيا، والآخرة الآباء، أو الأبناء؟ فقد ينفعه أحدهما أكثر من الآخر، والعكس محتمل، فربما يكون الولد هو من ينفع الأب، وربما يكون الولد هو المنتفع من الأب كما قال - سبحانه -: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [سورة الطور:21]، وبناء على ذلك فإن الله قد فرض في الميراث لهؤلاء، وهؤلاء جميعاً.
"وقوله: فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ أي: هذا الذي ذكرناه من تفصيل الميراث، وإعطاء بعض الورثة أكثر من بعض، هو فرض من الله حكم به، وقضاه.
وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ الذي يضع الأشياء في محالها، ويعطي كلاً ما يستحقه بحسبه، ولهذا قال: إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا."
  1. رواه البخاري في كتاب التفسير - باب تفسير سورة النساء برقم (4301) (4/166)، ومسلم في كتاب الفرائض - باب ميراث الكلالة برقم (1616) (3/1234).
  2. رواه الترمذي برقم (2092) (4/414)، وأحمد برقم (14840) (3/352)، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (2092).
  3. رواه البخاري في كتاب الفرائض - باب قول النبي ﷺ  لا نورث ما تركنا صدقة برقم (6346) (6/2474) ومسلم في كتاب الجهاد والسير - باب قول النبي ﷺ  لا نورث ما تركنا فهو صدقة برقم (1759) (3/1380).
  4. رواه أحمد في مسنده برقم (21869) (5/209)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم (13643).
  5. رواه البخاري في كتاب الأدب - باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته برقم (5653) (5/2235).

مرات الإستماع: 0

"يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11] هذه الآية نزلت بسبب بنات سعد بن الربيع، وقيل: بسبب جابر بن عبد الله، إذ عاده رسول الله ﷺ في مرضه، ورفعت ما كان في الجاهلية من ترك توريث النساء، والأطفال، وقيل: نسخت الوصية للوالدين، والأقربين، وإنما قال: يُوصِيكُمُ بلفظ الفعل الدائم، ولم يقل: أوصاكم، تنبيهًا على ما مضى، [وفي النسخة الخطية: تنبيهًا على نسخ ما مضى]، والشروع في حكمٍ آخر، وإنما قال: يُوصِيكُمُ اللَّهُ بالاسم الظاهر، ولم يقل: يُوصِيكُمُ [وفي النسخة الخطية: نوصيكم] لأنه أراد تعظيم الوصية، فجاء بالاسم الذي هو أعظم الأسماء، وإنما قال: فِي أَوْلادِكُمْ، ولم يقل: في أبنائكم؛ لأن الابن يقع على الابن من الرضاعة، وعلى ابن البنت، وعلى الابن المتبنى [وفي النسخة الخطية: على ابن التبني]، وليسوا من الورثة".

فقوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11] الوصية: هي التقدم إلى الغير بما يعمل به، ويكون مقترنًا بتأكيد، أو حث، أو وعظ، أو نحو ذلك، والوصية من الله - تبارك، وتعالى - هي أمرٌ مؤكدٌ منه، يعني يعهد إليكم، ويأمركم أمرًا مؤكدًا.

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ هذه الآية يقول: "نزلت بسبب بنات سعد بن الربيع، وقيل: بسبب جابر بن عبد الله، إذ عاده رسول الله ﷺ في مرضه، ورفعت ما كان في الجاهلية من ترك توريث النساء، والأطفال". 

بالنسبة للروايات هذه: بنات سعد بن الربيع، وحديث جابر أما حديث جابر فيقول: "عادني النبي ﷺ وأبو بكر في بني سلمة ماشيين، فوجدني النبي ﷺ لا أعقل، فدعا بماءٍ، فتوضأ منه، ثم رش عليَّ، فأفقت، فقلت: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11][1] فهذه الرواية في الصحيحين ثابته، وهي أيضًا صريحة بأنها سبب النزول.

وقصة امرأة سعد بن الربيع من حديث جابر أيضًا، لكن قال: "جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى الرسول ﷺ بابنتيها من سعد، فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قُتِلَ أبوهما معك في أحد شهيدًا، وإن عمهما أخذ مالهما، فلم يدع لهما مالًا، ولا يُنكحان إلا ولهما مال، فقال: يقضي الله في ذلك قال: فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول الله ﷺ إلى عمهما، فقال: أعطي ابنتا سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك[2] يعني بالتعصيب، يعني العم أخذ ذلك قبل نزول آية المواريث يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11].

فحديث جابر الأول أن ذلك نزل فيه، وحديثه الآخر أن ذلك في امرأة سعد بن الربيع، والحافظ ابن كثير يقول: "الظاهر أن حديث جابر الأول إنما نزل بسببه الآية الأخيرة من هذه السورة" وهي آية الكلالة يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [النساء:176] "فإنه إنما كان له إذ ذاك أخوات، ولم يكن له بنات، وإنما يورثوا كلالة، ولكن ذكرنا الحديث ها هنا تبعًا للبخاري - رحمه الله - فإنه ذكره ها هنا، والحديث الثاني عن جابر أشبه بنزول هذه الآية - والله أعلم -"[3] يعني: أنها نزلت في سؤال امرأة سعد بن الربيع.

لكن هنا يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11] بالنسبة لجابر في حديثه الأول: وإنه قال لرسول الله ﷺ: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11] باعتبار أنه لا مال له، فيكون ذلك موضع إشكال، يعني أن ذلك الجواب لم يكن موافقًا لسؤاله؛ لأنه ليس له أولاد، ويكون حديثه الآخر بأنها في امرأة سعد بن الربيع، وبناته أن ذلك أظهر، وهل يقال: الآية نزلت مثلًا في هذا، وهذا؟

هنا في حديث جابر الثاني امرأة سعد، فقال: يقضي الله في ذلك[4] قال: فنزلت آية الميراث، يعني لو كانت نزلت الآية قبل ما قال رسول الله ﷺ: يقضي الله في ذلك[5] وإنما كان سيقرأ عليه الآية، ويخبره بالحكم، فكون الآية نازلة في امرأة سعد بن الربيع، وبناتها هذا ظاهر، ولا إشكال فيه.

ويمكن أن يكون الأول كما قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: إن حديث جابر نزل الأول، أي نزل فيه آية الكلالة[6] لكن ذِكر هذه الآية هنا في حديث جابر يُوصِيكُمُ اللَّهُ [النساء:11] ما ذكر آية الكلالة، فالحكم بخطأ الراوي ، وحديث جابر  في الصحيحين، فهذا أيضًا لا يخلو من إشكال.

وقد تكون الآية نزلت في وقت متقارب، فيحتاج أن يُعرف، يعني هذه نزلت بعد غزوة أحد، في قصة امرأة سعد بن الربيع، لكن في حديث جابر الأول متى مرض، وعاده النبي ﷺ فهذا يحتاج أن يعرف التاريخ فيه، فإذا كان الزمان متباعدًا، وقيل: نزلت الآية فيه أيضًا، فتكون نزلت مرتين، تذكيرًا بالحكم، لكن يكون نزولها الأول بعد أحد، في قصة امرأة سعد الربيع؛ لأن ظاهر الرواية أنها لم تنزل، قال: يقضي الله في ذلك[7] قال: فنزلت آية الميراث" فيكون حديث جابر بعد ذلك تذكيرًا بالحكم يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11] ولا سيما أن الله قال فيها: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11] إلى آخره، ففيها تفصيل، مع أن والد جابر بن عبد الله قُتِلَ في أحد، فإذا قلنا: إن هذه بعد قصة امرأة سعد بن الربيع، لكن ربما تكون أمه حية، لكن أيضًا فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] إلى آخره، ففي هذه الآية جواب يتعلق بحال جابر .

فالقول بأن ذلك خطأ من قبل الراوي، أو نحو هذا، والحديث في الصحيحين لا يخلو من إشكال، يمكن أن يقال: إن كان الزمان متقاربًا فالآية نزلت بعد الحادثتين - والله أعلم - وإذا كان متباعدًا فإنها نزلت مرتين.

وبعض أهل العلم في مثل هذا يلجأون إلى الترجيح، بأحد المرجحات، مثلًا حديث جابر الأول في الصحيحين، وحديث جابر الثاني في امرأة سعد بن الربيع في السنن، عند أبي داود[8] والترمذي[9] وابن ماجه[10] فيرجحون ما أخرجه الشيخان على غيره.

ومن المرجحات: أن يكون الراوي تتعلق به الواقعة، أو الحادثة، أو كان حاضرًا لها، ففي الحديث الأول الذي في الصحيحين أنه مرض، فجاءه النبي ﷺعائدًا، فيتحدث عما وقع له، فقد يُرجح بهذا، لكن يمكن أن يقال: كل ذلك سبب النزول، إما باعتبار أنها نزلت بعد الواقعتين، أو أنها نزلت مرتين، وهذا لعله أولى من القول بأن هذا خطأ من الراوي، وأن حديث جابر الأول في الكلالة، وليس في الوصية - والله أعلم -.

يقول: "ورفعت ما كان في الجاهلية من ترك توريث النساء، والأطفال" رفع ما كان عليه الحال قبل تقرير أحكام الشرع، لا يقال له نسخ، وإنما النسخ: رفع لحكم شرعي بخطاب متراخٍ عنه.

يقول: "وقيل: نسخت الوصية للوالدين، والأقربين" الآية التي في البقرة: الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:180] وتكلمنا في ذلك الموضع هل الآية منسوخة أو لا؟ وقول من قال: إنها ليست بمنسوخة، وأنها في الوالدين، والأقربين غير الوارثين، يعني من قام به مانع من موانع الإرث، على خلافٍ بينهم فيما نسخ آية البقرة إن كانت منسوخة، فبعضهم يقول: نُسخت بآيات المواريث هذه.

وبعضهم يقول: نُسخت بحديث: إن الله - تبارك، وتعالى - قد أعطى كل ذي حقٍّ حقه، فلا وصية لوارث[11] وكما عرفنا أن الأصل عدم النسخ، فالنسخ لا يثبت بالاحتمال.

يقول: "وإنما قال: يُوصِيكُمُ بلفظ الفعل الدائم"، الدائم يعني: الفعل المضارع، فهو يدل على الاستمرار يُوصِيكُمُ "ولم يقل: أوصاكم تنبيهًا على ما مضى، والشروع في حكمٍ آخر" يُوصِيكُمُ اللَّهُ باعتبار أنها ناسخة، إن قلنا: "ما مضى" يعني: ما كانوا عليه في الجاهلية، فهذا إطلاق النسخ عليه من باب التجوز، إذ ليس هو النسخ الشرعي المعروف: رفع الحكم الشرعي بخطابٍ شرعي متراخٍ عنه، وإنما الرفع عمومًا لما كانوا عليه على نسخ ما مضى، أو باعتبار أنها ناسخة للوصية للوالدين، والأقربين.

"والشروع في حكمٍ آخر" يعني غير الأول، توزيع التركة على الأنصباء المقررة في هذه الآيات، وهذه الآية، والتي بعدها، والآية التي في خاتمة هذه السورة، ثلاث آيات، هي الأصل في علم الفرائض، هي آيات علم الفرائض، يعني علم الفرائض مستنبط منها، وهذه الآية يُوصِيكُمُ اللَّهُ أيضًا ناسخة لما كان في أول الإسلام من التوارث بالحلف، والهجرة، والمعاقدة، كما سيأتي في قوله: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النساء:33] هل المراد النصيب من الميراث، أو من النصرة، ونحو ذلك؟

فهذه الآية ناسخة لما كان عليه الحال من التوارث بالمؤاخاة، والهجرة، فكان الإسلام يؤاخي بين المهاجرين، والأنصار، ويتوارثون بذلك، حتى نزلت هذه الآية، فهذه ناسخة لذلك؛ لأن ذلك كان حكمًا شرعيًّا، يعني لم يكن رفعًا لما كان عليه الناس في جاهليتهم أنهم لا يورثون النساء، والصبيان، وإنما كان الحكم الشرعي الثابت في السنة، أو ربما دل عليه قوله: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النساء:33] التوارث بالحلف، ونحو ذلك، والمؤاخاة.

يقول: "يُوصِيكُمُ اللَّهُ بالاسم الظاهر، ولم يقل: يُوصِيكُمُ لأنه أراد تعظيم الوصية، فجاء بالاسم الذي هو أعظم الأسماء" يعني: أن الإظهار في مقام الإضمار لاسم الجلالة، ولم يكتفِ بالضمير، فذلك باعتبار أنه أدعى إلى التعظيم، وتربية المهابة، وتفخيم أمر الوصية، قال: فِي أَوْلادِكُمْ ولم يقل: في أبنائكم إلى آخره أَوْلادِكُمْ هذا جمع ولد، (أولادكم) مضاف إلى المعرفة، والكاف كاف الخطاب، وهذا يفيد العموم، يعني ظاهره في كل ولدٍ لك، لكن يخرج بالسنة الولد الكافر، فإنه لا يرث كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين: لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم[12] وكذلك القاتل أيضًا لا يرث.

"ولم يقل: في أبنائكم؛ لأن الابن يقع على الابن من الرضاعة، وعلى ابن البنت، وعلى الابن المتبنى، وليسوا من الورثة"، ويمكن أن يقال غير هذا، يمكن أن يقال: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11] "ولم يقل: في أبنائكم" لأن الأولاد يصدق على الذكور، والإناث في المواريث لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11] تكون للذكور، والإناث، وهذا جواب أوضح، ولا حاجة لما ذُكر - والله أعلم -.

س: شيخنا - أحسن الله إليك - هنا: "ولم يقل: نوصيكم" في النسخة الخطية، ولم يقل: نوصيكم".

ج: لا ما يحتاج "ولم يقل: نوصيكم" فقط؛ لأن هنا يكون ضمير مستتر، يوصيكم هو فيكون عود ذلك إلى الله معلوم؛ لأنه هو الذي يشرع.

س: لكن هو قال: "يوصيكم".

هذه قضية أخرى "وإنما قال: يوصيكم" لماذا أظهر اسم الجلالة؟ فهذا الكلام في إظهار اسم الجلالة، ولم يكتف بالضمير المستتر، لو قال: يوصيكم، أو نوصيكم سواء، هو فعل مضارع، نوصيكم نحن، يوصيكم أي: هو، أي: الله، فلماذا لم يقل: نوصيكم، أو يوصيكم؟ فأظهر الفاعل مع أن هذا مقام يمكن أن يغني فيه الضمير، والعرب تختصر الكلام بالضمائر، فهي وُضِعَت للاختصار، فالإظهار في مكان يصح فيه الإضمار يكون لنكتة، تكون بحسب السياق، والمقام، فهنا لتفخيم أمر الوصية، وتربية المهابة، ونحو ذلك، هذا هو المقصود.

"لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] هذا بيانٌ للوصية المذكورة، فإن قيل: هلا قال: للأنثيين مثل حظ الذكر، أو للأنثى مثل حظ الذكر.

فالجواب: أنه بدأ بالذكر لفضله؛ ولأن القصد ذكر حظه، ولو قال: للأنثيين مثل حظ الذكر لكان فيه تفضيلٌ للإناث".

لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ أي: مثل نصيب الأنثيين، فابتدأ بالذكر يقول: بأن ذلك مقصود باعتبار التفضيل، وأنه له حقٌّ ضعف حق الأنثى؛وذلك باعتبار أنه يتولى النفقة على من تحت يده، وتحت ولايته، فهو ينفق عليهن وجوبًا، ويبذل المهور، وهو منتظرٌ للنقص دائمًا، وأما الأنثى فهي منتظرة للزيادة دائمًا، فلا تجب عليها النفقة غير الزكاة، وتأخذ هذا المال، وتخزن، ويُدفع لها المهر، وينفق عليها وليها، فهو الذي يذهب، ويتعرض للتكسب، وقد يربح، وقد يخسر؛ من أجل أن ينفق على هؤلاء النساء، من البنات، أو الزوجات، أو نحو ذلك، وإذا تزوج أعطاها المهر، فهي منتظرةٌ للزيادة دائمًا، وليس من العدل أن يسوى بين منتظر الزيادة دائمًا، ومنتظر النقص دائمًا، فكان لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ،ولو سوي بينهما لكان ظلمًا للذكر، والشريعة جاءت بالعدل؛، ولذلك يقال: الإسلام ليس بدين المساواة، فالمساواة قد تكون ظلمًا، كما في هذا المثال، وإنما هو دين العدل، فالعدل هو الذي قامت به السموات، والأرض، وهو الكمال، وليس المساواة مطلقًا هكذا، فالمساواة في أصل الإنسانية، ونحو ذلك، أما في الحقوق، والواجبات فلكلٍّ ما يليق به، ويتفق مع حاله، وفطرته، ونحو هذا.

"قيل: هلا قال: للأنثيين مثل حظ الذكر أو للأنثى نصف حظ الذكر، فالجواب: أنه بدأ بالذكر لفضله؛ ولأن القصد ذكر حظ الذكر" لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ "ولو قال: للأنثيين مثل حظ الذكر لكان المقصود هو بيان حق، وحظ الأنثى من الميراث" وإنما المقصود ما يكون للذكر، فعرف حق الأنثى منه تبعًا، وهذا هو الإنصاف، في الجاهلية ما كانوا يورثون أصلًا النساء، فجاء الإسلام بتوريثهن، لكن بما لا يحصل به الظلم للذكر.

"فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً إنما أنث ضمير الجماعة في كُنَّ لأنه قصد الإناث، وأصله: أن يعود على الأولاد؛ لأنه يشمل الذكور، والإناث، وقيل: يعود على المتروكات، وأجاز الزمخشري أن تكون (كان) تامةً، والضمير مبهم[13] ونِسَاءً تفسير".

لا إشكال في الآية أصلًا، يقول: "إنما أنث ضمير الجماعة في كن" يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ يكون هذا لا يشمل الذكور أصلًا، فلا يرد هذا الإشكال، والسؤال: لماذا أنثه؟ قال: لأنه قصد الإناث فَإِنْ كُنَّ أي: الإناث، وأصله أن يعود على الأولاد في قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ فَإِنْ كُنَّ؛ لأنه لفظ الأولاد يشمل الذكور، والإناث، فلماذا قال: كُنَّ؟ يمكن أن يقال: قال: كُنَّ لأنه قال: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ يعني الإناث، فهذا سبب تأنيثه.

"وقيل: يعود على المتروكات" يعني يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ أي: المتروكات نساء، أي: ترك نساء، أو الوارثات نساء، من غير ذكر، والزمخشري قدره: البنات أو المولودات[14] لكن ما قبله أحسن فَإِنْ كُنَّ يعني الوارثات، أو المتروكات.

وفي قوله: "وأجاز الزمخشري أن تكون (كان) تامةً، والضمير مبهم"[15] يعني (كان) تامة بمعنى أنها لا تنصب المبتدأ، فيكون اسمًا لها، يعني لا تكون ناسخة، ناقصة، والخبر لا يرفع المبتدأ فيكون اسمًا لها، ولا ينصب الخبر على أنه خبرًا لها، هذا معنى كونها تامة، يعني إِنْ كُنَّ أي: وجدن، ونحو ذلك.

"فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ظاهره أكثر من اثنتين؛ ولذلك أجمع على أن للثلاث فما فوقهن الثلثان، وأما البنتان فاختُلِفَ فيهما، فقال ابن عباس: لهما النصف كالبنت الواحدة، وقال: الجمهور الثلثان، وتأولوا فوق اثنتين، أن المراد: اثنتان فما فوقهما، وقال قومٌ: إن فوق زائدة، كقوله: فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ [الأنفال:12] وهذا ضعيف، وقال قومٌ: إنما وجب لهم الثلثان بالسنة لا بالقرآن، وقيل: بالقياس على الأختين".

"فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ظاهره أكثر من اثنتين" وذكر الخلاف في الاثنتين، "فقال ابن عباس: لهما النصف كالبنت الواحدة، وقال الجمهور: الثلثان[16] وتأولوا فوق اثنتين، أن المراد اثنتان فما فوقهما" وهذا هو الأقرب: أن الثنتين لهما الثلثان.

"وقال قومٌ: إن فَوْقَ زائدة، كقوله: فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ [الأنفال:12]، وهذا ضعيف".

وبعضهم قال: فَوْقَ الأَعْنَاقِ [الأنفال:12] في آية الأنفال، العظم الذي تحت الأذن، إذا ضُرب هذا الموضع كان ذلك أسرع في إبانة الرأس، يعني: أعلى الرقبة، يعلمهم كيف يقتلون هؤلاء الكفار قتلًا ذريعًا، فتكون (فوق) زائدة، ويكون المعنى: اضربوا على الأعناق، على القول بأنها زائدة، وهكذا فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ يعني: كن اثنتين، والأصل عدم الزيادة، كما ذكرنا في عدد من المناسبات.

طبعًا، والقول بأنها زيادة يعني أنها زائدة إعرابًا، ولا يعني حشو؛ لأنه لا يوجد في القرآن حشو، وإنما زائدة للتوكيد، ونحو ذلك من المعاني، وبعضهم يسمي ذلك صلة، والزركشي في كتابه "البحر المحيط في أصول الفقه" ذكر أنه لا زيادة في القرآن إلا نحو موضعين[17] وذكر ذلك غيره.

يقول: "وهذا ضعيف" يعني: القول بالزيادة، ورده الحافظ ابن كثير في الموضعين[18] في قوله: فَوْقَ اثْنَتَيْنِ وفَوْقَ الأَعْنَاقِ باعتبار أنه ليس في القرآن شيء زائد، لا فائدة فيه، وذكر النحاس[19] وابن عطية[20] أن جميع الظروف، وجميع الأسماء لا تُزاد لغير معنى وفَوْقَ هذه ظرف فلا تزاد لغير معنى.

قال: لو كان على ما قالوا لقال: فلهما ثلث ما ترك، وإنما استفيد كون الثلثين للبنتين من حكم الأختين في الآية الأخيرة فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ فكذلك في الأختين فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ باعتبار أن البنتين أولى بالثلثين من الأختين، يعني كأنهم فهموا ذلك بطريق قياس الأولى، وقد لا يكون كذلك، وهكذا قوله: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ فلو كان للبنتين النصف لنص عليه.

قوله: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فهذا مفهوم شرط، وقوله: فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ولاحظ طرق الترجيح، مفهوم ظرف، وأيهما أقوى مفهوم شرط أو مفهوم ظرف؟ مفهوم الشرط، ونحن ذكرنا في بعض المناسبات أن المفاهيم تتفاوت في القوة، فمفهوم الشرط، ومفهوم الصفة أقوى من مفهوم الظرف، فإذا كانت واحدةً فلها النصف، وما زاد: يكون فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فهذا مفهوم ظرف، يعني إذا كانت اثنتان فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ فهذه وجوه في الاستدلال على أن للأختين الثلثين - والله أعلم -.

يقول: "وقال قومٌ: إنما وجب لهم الثلثان بالسنة" يعني من حديث جابر السابق لما حكم النبي ﷺ لبنات سعد بن الربيع بالثلثين[21] فهذا دليلٌ من السنة على هذا، وبهذا يقال: لا شك أن للبنتين الثلثين، وإن كان ظاهر الآية: فَوْقَ اثْنَتَيْنِ قد يُشعر أن ذلك في مزاد، فيكون مفهوم المخالفة فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فما دون ذلك فليس كذلك، ليس لهما الثلثان، كم يكون لها؟ هل يكون لها النصف كالواحدة؟ يحتمل، لكن دلت السنة على أن لهما الثلثين، بالإضافة إلى ما فُهم من نصيب الأخوات، والبنات أولى بالثلثين - والله أعلم -.

"وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً بالرفع فاعلٌ، و(كان) تامة، وبالنصب خبر (كان)".

يقول: "بالرفع فاعل، و(كان) تامة" تامة يعني غير ناسخة، فالرفع قراءة نافع، والنصب قراءة الجمهور إِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً على قراءة النصب تكون (كان) ناقصة، ناسخة (وإن كانت وَاحِدَةٌ)، وبالنصب خبر كان، يعني إن كانت البنت واحدة، أو الوارثة واحدة.

"وقوله تعالى: فَلَهَا النِّصْفُ نصٌّ على أن للبنت النصف إذا انفردت، ودليلٌ على أن للابن جميع المال إذا انفرد؛ لأن لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ.

إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ الولد يقع على الذكر، والأنثى، والواحد، والاثنين، والجماعة سواءٌ كان للصلب، أو ولد ابن، وكلهم يرد الأبوين إلى السدس. 

وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ لم يجعل الله للأم الثلث إلّا بشرطين:

أحدهما: عدم الولد.

والآخر: إحاطة الأبوين بالميراث؛ ولذلك دخلت الواو لعطف أحد الشرطين، [وفي النسخة الخطية:، ولذلك دخلت الواو لتعطف أحد الشرطين على الآخر] وسكت عن حظ الأب استغناءً بمفهومه [وفي النسخة الخطية: استغناءً بفهمه] لأنه لا يبقى بعد الثلث إلّا الثلثان، ولا وارث إلّا الأبوان، فاقتضى ذلك: أن الأب يأخذ بقية المال، وهو الثلثان".

يقول هنا: "الولد يقع على الذكر، والأنثى" إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ "والواحد، والاثنين، والجماعة، سواءٌ كان للصلب أو ولد ابن" يعني أنه جنس "وكلهم يرد الأبوين إلى السدس" لكن فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ ففي هذه الحالة للأم الثلث، إذا وُجد الولد سواءٌ كان ذكرًا أم أنثى، فلكل واحد من الأبوين السدس هذا فرضًا، وقد يرث الأب أكثر من ذلك تعصيبًا، لكن الأم قد ترث الثلث، وهذا في حال عدم وجود الولد، وعدم وجود الجمع من الإخوة فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11] هذا الذي يقال له: حجب النقصان، فينقص نصيب الأم من الثلث إلى السدس.

قال: "لم يجعل الله للأم الثلث إلّا بشرطين:

أحدهما: عدم الولد.

والآخر: إحاطة الأبوين بالميراث، ولذلك دخلت الواو لعطف أحد الشرطين على الآخر، وسكت عن حظ الأب استغناءً بمفهومه؛ لأنه لا يبقى بعد الثلث إلّا الثلثان، ولا وارث إلّا الأبوان، فاقتضى ذلك: أن الأب يأخذ بقية المال، وهو الثلثان".

 يعني الأب مهما كان يأخذ أكثر من نصيب الأم، إلا إذا كان لربما على قول بعض العلم: في بعض الحالات قد تأخذ الأم أكثر من نصيب الأب، لكنه ليس موضع اتفاق، والأب له أحوال، كما أن للأم أحوال، وكذلك البنت لها أحوال، وهكذا، لكن في قوله: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فللأبوين أحوال أربع في هذا الميراث، ذكرها الحافظ ابن كثير - رحمه الله -[22]:

الأول: أن يجتمعا مع الأولاد، فيكون لكل واحدٍ منهما السدس، فإذا ما كان للميت إلا بنت واحدة، ففي هذه الحالة تعطى النصف، وللأبوين لكل واحدٍ منهما السدس، والأب يأخذ السدس الآخر بالتعصيب، فيكون قد جمع بين الفرض، والتعصيب، ويكون نصيبه ضعف نصيب الأم، هذه الحالة الأولى.

الحالة الثانية: أن ينفرد الأبوان بالميراث، فيفرض للأم في الحالة هذه الثلث، ويأخذ الأب الباقي بالتعصيب المحض، فيكون له ضعفان، ثلثان.

فلو كان معهما زوج، أو زوجة، يأخذ الزوج النصف، والزوجة إذا كان الميت رجلاً أخذت الربع؛ لأنه لا يوجد أولاد، وإذا كان الميت امرأة أخذ الزوج النصف، والأم تأخذ بعد ما يأخذ الزوج أو الزوجة ثلث الباقي، كان الميت زوجًا أو زوجة، إذا ورثه صاحبه، فالأم إذا لم يوجد إخوة، لها الثلث، وهل تأخذ الثلث من رأس المال، أو ثلث الباقي؟ ثلث الباقي، لأن الباقي كأنه جميع الميراث بالنسبة إلى الأبوين، وقد جعل الله لها نصف مال الأب، فتأخذ ثلث الباقي، ويأخذ الأب الثلثين، خلافًا لابن عباس - ا - أنه يرى أنها تأخذ الثلث من رأس المال، من الأصل، خلافًا للجمهور[23] وبهذه الحالة على قول ابن عباس تكون أخذت أكثر من نصيب الأب.

حتى ما ذكرنا في قوله: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فالجمهور يقولون: بأن البنتين لهما الثلثان، وابن عباس - ا - يقول: ما تأخذ الثلثين إلا إذا كن ثلاث، فأكثر فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ويقال: إنه رجع عن هذا القول.

وهنا في هذه المسألة أيضًا - فيما يكون للأم إن لم يوجد إخوة، ولا أولاد - أنها تأخذ ثلث كامل المال، والجمهور على أنها تأخذ ثلث الباقي.

وتبقى الحالة الثالثة: وهي اجتماع الأبوين مع الإخوة، سواءً كانوا من الأبوين، أو من الأب، أو من الأم، كما يدل عليه إطلاق الإخوة فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ [النساء:11] فأطلق فالأصل: أن يُحمل ذلك على إطلاقه، في هذه الحاله هؤلاء الإخوة لا يرثون مع الأب شيئًا؛ لأنه يحجبهم حجب حرمان، ولكنهم مع ذلك يحجبون الأم - كما سبق - حجب نقصان، فيردونها من الثلث إلى السدس، لكن إن لم يكن وارث سواها، وسوى الأب، أخذ الأب الباقي، وسواء كان هؤلاء الإخوة جمع، أو كان أخوين، باعتبار أن الأخوين - كما ذكرنا في بعض المناسبات في إطلاق الجمع - كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ [النساء:11] فذلك يصدق على اثنين، فأكثر الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة:197] على القول بأنه شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، باعتبار جبر الكسر، وذكرنا لذلك شواهد، وقول صاحب المراقي: 

أقل معنى الجمع في المشتهرِ اثنان عند الإمام الحميري[24]

وهو الإمام مالك - رحمه الله، فهذا أقل الجمع، ويوجد له شواهد متعددة في الكتاب، والسنة، وكلام العرب، وهذا على قول الجمهور، بل حكى بعضهم عليه الإجماع، إلا ما نُقل عن ابن عباس - ا - كما قال قتادة: كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11] أضروا بالأم، ولا يرثون[25].

لكن الأخ الواحد لا يحصل به حجب النقصان؛ لأنه قال: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ [النساء:11] ولماذا حجبوها إلى السدس، وهم لا يرثون؟ الشارع حكيم، بعض العلماء قالوا: لما حجبوها، ويوجد إخوة فالذي سيتولى نفقة هؤلاء الإخوة هو الأب، وليس الأم، فيحتاج إلى نصيبٍ أكبر من الميراث، فهم لا يرثون، فأنقصوا ميراثها، فالواحد أمره سهل، لكن إن كانوا اثنين فأكثر، فهؤلاء يحتاجون إلى تكاليف في النفقات، فصار نصيب الأب أكثر، فردت الأم من الثلث إلى السدس؛ ليتوفر نصيب الأب، وهكذا حِكَم الشريعة من تتبعها وجدها حِكَم عجيبة، ولعله - إن شاء الله - تتيسر مجالس مستقلة، مثل هذه الأوقات التي يشكك، ويطعن فيها في أحكام الشرع، وفي أصوله، أن يكون هناك حديث مثل هذا في قضايا واضحة متكلفة، تخفى على أكثر الناس في حكم الشريعة في تقرير الأحكام، مثلما قلنا في ميراث البنت على النصف، والحكمة؛ لأنها منتظرة النقص، وهو منتظر الزيادة، فكيف يُسوى بينهما؟ وهذا بالإضافة إلى مسائل أخرى.وهنا في الباب مسألة الجد مع الإخوة بصرف النظر عن هذا - وهذا يكفي - والدخول في التفاصيل في هذا الموضوع يطول، ومن الخطأ أن يحول درس التفسير إلى درس فرائض، كان بعض من يُدرس التفسير إذا وصل عند هذه الآيات، تحول الدرس إلى آخر الدراسي في الفرائض، مع أن الطلاب يدرسون ربما أربعة مقررات في الفرائض، ويدرسونه في الفقه أيضًا، ويحول التفسير إلى فرائض، هذا غير صحيح، وبينما يُوَضح المراد بالآيات بالقدر الذي يليق بالتفسير.

 

"فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ أجمع العلماء على أن ثلاثةً من الأخوة يردّون الأم إلى السدس، واختلفوا في الاثنين، فمذهب الجمهور أنهما يردّانها إلى السدس، ومذهب ابن عباس أنهما لا يردّانها إليه، بل هما كالأخ الواحد، وحجته: أن لفظ الإخوة لا يقع على الاثنين؛ لأنه جمعٌ، لا تثنية، وأقل الجمع ثلاثة، وقال غيره: إن لفظ الجمع قد يقع على الاثنين؛ لقوله: وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ [الأنبياء:78]".

وهما اثنان، داود، وسليمان - عليها السلام -.

"تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ [ص:21]".

باعتبار أن الذين تسوروا هم الخصمان، وهم اثنان.

"وَأَطْرَافَ النَّهَارِ [طه:130]".

باعتبار أن له طرفين، الغدو، والآصال، فهذه كلها أدلة على أن الاثنين بمعنى الجمع.

"واحتجوا بقوله ﷺ الاثنان فما فوقهما جماعة[26] وقال مالكٌ:،ومضت السنة".

هذا الحديث لا يصح عن النبي ﷺ. 

"وقال مالكٌ: مضت السنة أن الإخوة اثنان فصاعدًا، ومذهبه: أن أقل الجمع اثنان".

وقد ذكرنا قبل قليل قول صاحب مراقي السعود، وهو شنقيطي مالكي، وهو نظمٌ في الأصل لجمع الجوامع، مع بعض الزيادات عليه.

أقل معنى الجمع في المشتهرِ اثنان عند الإمام الحميري[27].

يعني مالك بن أنس - رحمه الله.

"وقال مالكٌ: مضت السنة أن الإخوة اثنان فصاعدًا، ومذهبه: أن أقل الجمع اثنان، فعلى هذا: يحجب الأخوان فصاعدًا الأم من الثلث إلى السدس، سواءٌ كانا شقيقين، أو لأبٍ، أو لأمٍ، أو مختلفين".

باعتبار الإطلاق في الآية فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ [النساء:11]، والأصل: بقاء المطلق على إطلاقه إلا لدليل.

"وسواءٌ كانا ذكرين، أو أنثيين، أو ذكرًا، وأنثى، فإن كان معهما أبٌ ورث بقية المال، ولم يكن للإخوة شيء عند الجمهور، فهم يحجبون الأم، ولا يرثون، وقال قومٌ: يأخذون السدس الذي حجبوه عن الأم، وإن لم يكن أبٌ، ورّثوا".

أنهم يأخذون السدس مع وجود الأب هذا غير صحيح؛ لأنه يحجبهم، وإنما اختلفوا في الجد مع الإخوة، وهكذا قوله: "وإن لم يكن أب ورثوا" فليس على إطلاقه بل فيه خلاف في الجد، فبعضهم ينزله منزلة الأب مطلقًا، فيحجبهم.

 

"مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ قوله: مِنْ بَعْدِ يتعلق بالاستقرار المضمر في قوله: فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ أي: استقر لهنّ الثلثان من بعد وصية، ويمتنع أن يتعلق بـتَرَكَ وفاعل (يوصي) الميت، وإنما قدمت الوصية على الدين، والدّين مقدمٌ عليها في الشريعة، اهتمامًا بها، وتأكيدًا للأمر بها؛ لئلا يتهاون بها، وأخر الدين؛ لأن صاحبه يتقاضاه، فلا يحتاج إلى تأكيدٍ في الأمر بإخراجه".

نقل بعض أهل العلم كالحافظ ابن كثير - رحمه الله - الإجماع على أن الدين مقدم على الوصية[28] فلا يكون إنفاذ الوصية مع وجود الدين، فلا بد من قضاء الدين، لكن لماذا قدم الوصية في الآية؟ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ قيل: باعتبار أن الدين له طالبٌ يُطَالب به، بخلاف الوصية، فلا أحد يطالب بها، فمن أوصى أن يُتَصَدق بثلث ماله في وجوه البر، من الذي يطالب؟ لكن الدين يقول: حقي، ومالي، فقدم الوصية تأكيدًا، وتعظيمًا لشأنها لئلا يُتَهاون بها فقد تمضي سنوات، ويفنى الجيل الأول بكامله، والوصية لم تُنفذ، وهذا يحصل، وأحيانًا تكون الوصية مبالغ طائلة، مئات الملايين، ويموت الرجل، ويموت أولاده، والوصية على حالها، وأحيانًا لا تُكْتَشف إلا في خصومة، فتحصل خصومة بعد مدة طويلة من موت الميت، فلما يُنْظَر في وصيته يطالب هؤلاء الذين يختصمون بالنظر في وصيته، والوثائق، ونحو ذلك، فيوجد في الوصية ثلث المال، ولم يفعلوا به شيئًا، وأحيانًا مليارات يُكتشف هكذا من غير ترتيب، ولا قصد، في خصومة بعد مدة طويلة من موته، وهذا التوجيه حسن، ذكره ابن جزي، وذكره غيره أيضًا.

"وتخرج الوصية من الثلث، والدّين من رأس المال بعد الكفن، وإنما ذكر الوصية، والدين نكرتين: ليدل على أنهما قد يكونان، وقد لا يكونان، فدل ذلك على سقوط وجوب الوصية".

تُخرج الوصية من الثلث، واختلفوا فيما زاد عن الثلث هل ينفذ؟ وهل يجوز؟ وهل يصح إذا رضي بذلك الورثة أو لا؟

والدين يُخرج من رأس المال بعد الكفن، يعني أول ما يكون تجهيز الميت؛ لئلا يبقى معطلًا، ولو كان عليه دين، ثم الدين، ثم بعد ذلك الوصية بهذا الترتيب "وإنما ذكر الوصية، والدين نكرتين: ليدل على أنهما قد يكونان، وقد لا يكونان" مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ إن وُجِدَت، أو دين إن حصل، فدل ذلك على سقوط وجوب الوصية؛ يعني لا يجب على الإنسان أن يوصي في ماله.

"أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا قيل: بالإنفاق إذا احتيج إليه، وقيل: بالشفاعة في الآخرة، ويحتمل أن يريد نفعًا بالميراث من ماله، وهو أليق بسياق الكلام".

آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا [النساء:11] يعني فرض للآباء من الميراث، وفرض للأولاد، والإنسان لا يدري من هو أقرب نفعًا إليه، فقد يأتيه النفع من أبيه، سواء كان هذا النفع دنيويًّا من مال، أو نحو ذلك، أو أخرويًّا، أو هما معًا، ينفعه في دنياه، وفي آخرته، فيأتيه النفع من أبيه، أو من أمه، أو منهما معًا، ما لا يأتيه من ولده، وقد يكون هذا النفع من الولد نفعاً دنيوياً، وقد يكون برًّا، أو مالًا، أو نحو ذلك، وقد يكون أيضًا أخرويٍّا بالشفاعة، والدعاء أو ولدٍ صالحٍ يدعو له[29] فلو تُرِك ذلك إلى عقولكم، وأفهامكم، وأذواقكم، ونحو ذلك لحصل بسبب ذلك خلل، وفساد؛ بسبب نقص العقول، فهذا قوله - تبارك، وتعالى -: آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا [النساء:11] فقد يكون النفع في الآباء، أو الأبناء - والله أعلم -.

  1.  أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: يوصيكم الله في أولادكم [النساء:11] برقم: (4577)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ميراث الكلالة برقم: (1616).
  2.  أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الفرائض، باب ما جاء في ميراث البنات برقم: (2092)، وحسنه الألباني.
  3.  تفسير ابن كثير ت سلامة (2/225).
  4. سبق تخريجه.
  5.  سبق تخريجه.
  6.  تفسير ابن كثير ت سلامة (2/225).
  7.  سبق تخريجه.
  8.  أخرجه أبو داود في كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الصلب برقم: (2891)، وقال الألباني: "حسن، لكن ذكر ثابت بن قيس فيه خطأ، والمحفوظ أنه سعد بن الربيع".
  9.  سبق تخريجه.
  10.  أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض، باب فرائض الصلب برقم: (2720)، وحسنه الألباني.
  11.  أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الوصايا، باب ما جاء لا، وصية لوارث برقم: (2120)، وأبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث برقم: (2870)، وابن ماجه في كتاب الوصايا، باب لا، وصية لوارث برقم: (2713)، وصححه الألباني.
  12.  أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم برقم: (6764)، ومسلم في أول كتاب الفرائض برقم: (1614).
  13.  تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (1/481).
  14.  المصدر السابق (1/480).
  15.  المصدر السابق (1/481).
  16.  تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/15).
  17. البحر المحيط في أصول الفقه (2/200).
  18.  تفسير ابن كثير ت سلامة (2/226).
  19.  معاني القرآن للنحاس (4/395).
  20.  تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (3/225).
  21.  أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: يوصيكم الله في أولادكم [النساء:11] برقم: (4577)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ميراث الكلالة برقم: (1616).
  22.  تفسير ابن كثير ت سلامة (2/227).
  23. تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل، وأسرار التأويل (2/63).
  24.  نشر البنود على مراقي السعود (1/234).
  25.  تفسير ابن أبي حاتم - محققا (3/883 - 4905).
  26.  أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها باب الاثنان جماعة برقم: (972)، وضعفه الألباني.
  27.  نشر البنود على مراقي السعود (1/234).
  28.  تفسير ابن كثير ت سلامة (2/228).
  29.  أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد، وفاته برقم: (1631).