الثلاثاء 15 / ذو القعدة / 1446 - 13 / مايو 2025
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَٰلًۢا بَعِيدًا

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا ۝ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا ۝ لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ۝ وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا ۝ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا ۝ أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ۝ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً [سورة النساء:116-122]".
قد تقدم الكلام على هذه الآية الكريمة وهي قوله: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ [سورة النساء:48] وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة.
وقوله: وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا [سورة النساء:116] أي: فقد سلك غير الطريق الحق، وضل عن الهدى، وبعُد عن الصواب، وأهلك نفسه، وخسرها في الدنيا والآخرة، وفاتته سعادة الدنيا والآخرة".

مرات الإستماع: 0

"إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:116] قد تقدّم الكلام على نظيرتها".

كما سبق بأن (أن) والفعل بعدها بتأويل مصدر، والتقدير: إن الله لا يغفر إشراكًا، ويكون ذلك نكرة في سياق النفي؛ وذلك للعموم، وأخذ منه بعض أهل العلم أن ذلك يشمل الشرك الأصغر، والأكبر، وليس ذلك محل اتفاق في الشرك الأصغر، لكن مثل هذا العموم "لا يغفر إشراكًا به" قالوا: هذا عام، فيدخل فيه الشرك الأصغر، والخفي، فالله لا يغفره، وليس معنى ذلك أن صاحبه يخلد في النار، لكن قصدوا أنه يُعاقب، حتى يُطهر من هذا الشرك، لكن ليس بالضرورة أيضًا أن يُعاقب، فإن أهل العلم ذكروا أنه قد يكون له حسنات عظيمة ينغمر فيها هذا الشرك الأصغر، أو الخفي، والوزن عند الله بتثقيل الموازين، فمن ثقلت موازينه، ورجحت الحسنات نجا، وإذا رجحت السيئات هلك - والله المستعان - لكن هذا مأخذهم في الاستدلال، وليس محل اتفاق أنه يدخل فيه الشرك الأصغر، والخفي؛ ولذلك يقولون: بأن جنس الشرك أعظم من جنس المعاصي، والكبائر، مع أنه من جملة المعاصي، والكبائر.