وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا [سورة النساء:118] أي: مُعيّنا، مقدَّرًا، معلومًا".
قوله: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا [سورة النساء:118] الفرض أصله التقدير، والمعنى أن من اتبعه من بني آدم فهو من نصيبه المفروض، وحظه المقسوم، وهذا المعنى ذكره الحافظ ابن القيم - رحمه الله -، وذكر طائفة من المفسرين من أصحاب المعاني كالزجاج، والفراء، وأمثالهما ذكروا معانِيَ قريبة من هذا، وما ذكره الحافظ ابن كثير أيضاً وهو قوله: "أي: مُعَيَّنا، مقدَّرًا، معلومًا" لا يخرج عن هذه المعاني.
وهذا النصيب المفروض هم الذين أطاعوه، واتبعوه، وهم الأكثرية كما دلت عليه هذه الآيات، وقد تحقق له ما ظنه بما عرفه من طبيعة بني آدم.
وحينما طرده الله من رحمته طلب الإمهال إلى يوم الدين، فلما أمهله الله قال: لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً [سورة الإسراء:62] فذكر أنه يجهد، ويجد، ويجتهد في إضلال الناس، وأنه سيضل أكثر الخلق إلا قليلاً، وبيَّن أن هؤلاء القليل هم المخلصون فقال: إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [سورة الحجر:40].
وبيَّن الله في موضع آخر أن ظنه هذا قد تحقق لما قال: وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [سورة الأعراف:17] قال الله: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ [سورة سبأ:20] فحصل ما أمله فاتبعه أكثر الخلق، قال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [سورة يوسف:103]، وقال تعالى: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ [سورة الأنعام:116].