الأربعاء 16 / ذو القعدة / 1446 - 14 / مايو 2025
إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِـَٔاخَرِينَ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وقوله: إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا [سورة النساء:133] أي: هو قادر على إذهابكم، وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه، وكما قال: وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [سورة محمد:38]".

يقول تعالى: إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [سورة النساء:133] هذه الآية عامة كما هو ظاهرها، وابن جرير - رحمه الله - يربط هذه الآية، وآيات بعدها بما سبق من الكلام عن قصة بني أبيرق، والتي فيها قوله تعالى: وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ [سورة النساء:113].
وهذه القصة جاءت فيها روايات كثيرة لا تخلو من ضعف، ومن أهل العلم من حسنها في الطعام، وفي الدرعين حيث سرقا، ثم حصل ما حصل بعد ذلك مما ذكرناه سابقاً، فابن جرير - رحمه الله - يرى أن هذا الخطاب موجه إلى هؤلاء، وأنها زجر، وردع لهم، ولمن شاكلهم من المنافقين، والأقرب - والله أعلم - حمل الآية على العموم، وهذا له نظائر في القرآن.

مرات الإستماع: 0

"وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء:133]: أي بقومٍ غيركم، ورُوي أنّ النبي ﷺ لما نزلت ضرب بيده على كتف سلمان الفارسي، وقال: هم قوم هذا."

فقوله - تبارك، وتعالى -: وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء:133] إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء:133] أي: بقوم غيركم، ورُوي أنّ النبي ﷺ لما نزلت ضرب بيده على كتف سلمان وقال: هم قوم هذا[1].

هذا أخرجه ابن جرير - رحمه الله - لكنّه لا يصح، ابن جرير - رحمه الله - يقول في إسناده: "حُدِّثت عن عبد العزيز بن محمد"[2] هكذا، ولم يذكر من حدَّثه.

وكذلك أيضًا في إسناده راوٍ رُمي بالاختلاط، وقد ذهب ابن جرير - رحمه الله - إلى أن هذه الآية ردعٌ، وزجر لبني أُبيرق، ومن شاكلهم من المنافقين[3] وقد مضى خبر بني أُبيرق، ويَرْمِ بِهِ بَرِيئًا [النساء:112] هناك، فابن جرير يرى أن هذا يتصل بذاك، ولمن شاكلهم إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء:133] كما قال الله : وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38] ولو حُملت الآية على العموم فهو خطابٌ عام لبيان كمال غنى الله - تبارك، وتعالى - عن خلقه، وكمال قدرته لكان ذلك أحسن، - والله أعلم -.

  1.  تفسير الطبري (7/582).
  2.  المصدر السابق.
  3.  انظر: تفسير الطبري (7/578).