الأربعاء 06 / محرّم / 1447 - 02 / يوليو 2025
إِن تُبْدُوا۟ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا۟ عَن سُوٓءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وقوله: إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا [سورة النساء:149] أي: إن تظهروا - أيها الناس - خيرًا، أو أخفيتموه، أو عفوتم عمن أساء إليكم؛ فإن ذلك مما يقربكم عند الله، ويجزل ثوابكم لديه، فإن من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم، ولهذا قال: فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا [سورة النساء:149]، ولهذا ورد في الأثر أن حملة العرش يسبحون الله فيقول بعضهم: سبحانك على حلمك بعد علمك، ويقول بعضهم: سبحانك على عفوك بعد قدرتك، وفي الحديث الصحيح: ما نقص مال من صدقة، ولا زاد الله عبداً بعفو إلا عزًّا، ومن تواضع لله رفعه الله[1]".
  1. أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب - باب استحباب العفو والتواضع (2588) (ج 4 / ص 2001).

مرات الإستماع: 0

"إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ [النساء:149] الآية: ترغيبٌ في فعل الخير سرًا، وعلانية، وفي العفو عن الظلم بعد أن أباح الله الانتصار؛ لأن العفو أحب إلى الله من الانتصار، وأكد ذلك بوصفه - تعالى - نفسه بالعفو مع القدرة."

بأنه أكد بوصفه بالعفو مع القدرة إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا [النساء:149] يعني الجهر بالسوء رخصة بحق من ظُلم، وأكمل منه هو العفو، وفعل الخير، والصلاح، وما فيه الإصلاح، هذا أكمل، وأحسن، ذكر مثل هذه الأسماء الحسنى بعده في ختم الآية: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا [النساء:149] يُشعر بالحكم: أن الله يعفو عمن عفا عن الناس، يعفو عنه، واقترانه مع القدرة به كمالٌ آخر: فإن من يعفو قد يعفو عجزًا عن المؤاخذة، فالله يعفو مع قدرته على الأخذ، والانتقام.