الأحد 06 / ذو القعدة / 1446 - 04 / مايو 2025
وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَٰنًا عَظِيمًا

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا [سورة النساء:156] قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا -: "يعني أنهم رموها بالزنا"، وكذلك قال السدي، وجُوَيْبِر، ومحمد بن إسحاق وغير واحد، وهو ظاهر من الآية أنهم رموها وابنها بالعظائم، فجعلوها زانية وقد حملت بولدها من ذلك".

البهتان هو الافتراء العظيم، والكذب الواضح الذي يبهت سامعه لفداحته، ذلك أنهم قالوا لمريم - رحمها الله -: يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا [سورة مريم:28] أي اتهموها بالزنا من أين جئت بالولد، حيث قالوا لها: لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا [سورة مريم:27] يعنى بفاحشة.
"فجعلوها زانية وقد حملت بولدها من ذلك، زاد بعضهم: وهي حائض، وكان من خبر اليهود، فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة".

مرات الإستماع: 0

"بُهْتَانًا عَظِيمًا [النساء:156] هو أن رموا مريم بالزنا مع رؤيتهم الآية في كلام عيسى في المهد."

وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا [النساء:156] البهتان هو الظلم، يُطلق على الكذب، يقول النبي ﷺ لمّا سُئل عن الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره[1].

وحكم على ذلك المقول إن كان فيه: أرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته فهذا هو البهتان فهو أعظم الكذب.

ويُقال أيضًا على كل فعل مُستبشع يُتعاطى باليد، والرجل، ونحو ذلك من تناول ما لا يحل، والمشي إلى ما يقبُح وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ [الممتحنة:12] اختُلف في ما هو هذا البهتان؟

فبعضهم قال: أن تنسب إلى زوجها، ونفسها ولدًا لم تنجبه وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ [الممتحنة:12] تقول: أنها ولدته، ولم تلده، تضيف إليه ولد، يعني كأن يكون الزوج مسافرًا، وتدَّعي أنها حملت، وتدَّعي أنها ولدت، وتنسب ذلك إلى الزوج، وقد تبدل بنتًا بابن لغيرها عن طريق القابلة، أو غير ذلك، وتنسب هذا إلى الزوج، هذا من الإتيان ببهتان.

  1. أخرجه مسلم، كتاب البر، والصلة، والآداب، باب تحريم الغيبة، برقم (2589).