الأحد 06 / ذو القعدة / 1446 - 04 / مايو 2025
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ۝ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا ۝ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا [سورة النساء:40 - 42].
يخبر تعالى أنه لا يظلم عبداً من عباده يوم القيامة مثقال حبة خردل، ولا مثقال ذرة، بل يوفيها له، ويضاعفها له إن كانت حسنة كما قال تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ الآية [سورة الأنبياء:47].
وقال تعالى مخبرًا عن لقمان أنه قال: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ الآية [سورة لقمان:16]، وقال تعالى: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ۝ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۝ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [سورة الزلزلة:6-8].
وفي الصحيحين عن أبي سَعِيدٍ الخُدْري عن رسول الله ﷺ في حديث الشفاعة الطويلِ، وفيه: فيقول الله : ارْجِعُوا، فَمَن وجدتم في قلبه مثقالَ حبة خردل من إيمان فأخرجوه من النار، وفي لفظ: أدنى أدنـى أدنى مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه من النار، فيخرجون خلقا ًكثيراً، ثم يقول أبو سعيد: اقرءوا إن شئتم: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ الآية [سورة النساء:40][1].
وعن سعيد بن جُبَيْرٍ في قوله: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا [سورة النساء:40]، فأما المشرك فيخفف عنه العذاب يوم القيامة، ولا يخرج من النار أبداً، وقد استدل له بالحديث الصحيح أن العباس قال: يا رسول الله، إن عمك أبا طالب كان يحوطك، وينصرك، فهل نفعته بشيء؟ قال: نعم هو في ضَحْضَاح من نار، ولولا أنا لكان في الدَّرْك الأسفل من النار[2].
وقد يكون هذا خاصاً بأبي طالب من دون الكفار بدليل ما رواه أبو داود الطَّيالسِي في مسنده عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: إن الله لا يظلم المؤمن حسنة، يثاب عليها الرزق في الدنيا، ويُجْزَى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم يكن له حسنة[3]."

فقوله - تبارك، وتعالى -: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا [سورة النساء:40] قراءة أهل الحجاز بالرفع قي حسنة هكذا (وإن تك حسنةٌ يضاعفها) يعني، وإن توجد، فتكون "كان" هنا تامَّة، وعلى قراءة غيرهم كما هنا وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا [سورة النساء:40] أي، وإن تك فِعلتُه حسنة يضاعفها، على أن "كان" ناقصة.
وكلام ابن كثير - رحمه الله - هنا، وذكره قول سعيد بن جبير - رحمه الله - بأن الإنسان الكافر قد يخفف عنه العذاب في الآخرة بسبب حسناته، وهل يختص ذلك بأبي طالب بناءً على حديث أنس أن الكافر يطعم بها في الدنيا، ثم يوافي يوم القيامة، وليس له حسنة يقال فيه: هذا يحصل للكافر في الدنيا؛ لأن الله يعطيه بحسناته، أو يدفع عنه بعض المكاره بسبب هذه الحسنات فيوافي، وليس له شيء في الآخرة مع ملاحظة أن الكفار يتفاوتون في كفرهم، وبناءً عليه يتفاوت عذابهم في النار فليسوا على مرتبة واحدة، ولذلك كانت النار دركات، والله يقول: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ۝ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ۝ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ۝ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ۝ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ [سورة المدثر:42- 46] إلى آخره فالكفار يتفاوتون في هذا فقد تجتمع في بعضهم هذه الأوصاف فتجتمع فيه جميع أنواع الموبقات، ويحارب أهل الإيمان، وبعض الكفار غاية ما هنالك أنهم، وقعوا في نوع من الشرك، والشرك ظلم عظيم لكنهم لم يقعوا في بقية الموبقات فلم يحاربوا أهل الإيمان، أو نحو ذلك، فهم يتفاوتون في كفرهم، وبالتالي فمسألة تفاوتهم في العذاب أمر لا شك فيه، ولكن بالنسبة للحسنات فإنها تعجل لهم في الدنيا، وأما ما يحصل لأبي طالب فإنه يكون بسبب شفاعة النبي ﷺ، وهي شفاعة خاصة، والكلام في الشفاعة، وأنواعها أمر معلوم، ومنها الشفاعة العظمى، وهي خاصة بالنبي ﷺ، وشفاعة النبي ﷺ لأبي طالب خاصة أيضاً، وهناك شفاعات أخرى يشترك فيها النبي ﷺ، والأنبياء، وأهل الإيمان، وإن اختُلف في بعضها كالشفاعة لأهل الكبائر، والشفاعة لمن استوجب النار أن لا يدخلها، والشفاعة لمن دخلها أن يخرج منها، والشفاعة لأهل الجنة في المراتب العالية، ونحو ذلك.
"وقال أبو هريرة ، وعِكْرِمَة، وسعيدُ بن جُبَيْرٍ، والحسنُ، وقتادةُ، والضحاكُ، في قوله: وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [سورة النساء:40] يعني: الجنة، نسأل الله رضاه، والجنة."

يقول الله وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [سورة النساء:40]، ويقول في هذه المضاعفة: مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [سورة الأنعام:160]، ويقول - تبارك، وتعالى -: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء [سورة البقرة:261]، وهنا يقول - سبحانه -: وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [سورة النساء:40] فهذا الأجر العظيم هو كل ما يحصل مما يصدق عليه ذلك مما يؤتيه الله - تبارك، وتعالى - لأوليائه، وعباده المؤمنين، ونعيم الجنة من هذا الأجر العظيم.
"وروى ابن أبي حاتم عن أبي عثمان النهدي، قال: لم يكن أحد أكثر مجالسة مني لأبي هريرة، فقدم قبلي حاجاً، وقدمت بعده فإذا أهل البصرة يأثرون عنه أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة فقلت: ويحكم، ما كان أحد أكثر مجالسة مني لأبي هريرة، وما سمعت منه هذا الحديث! فهممت أن ألحقه، فوجدته قد انطلق حاجاً فانطلقت إلى الحج أن ألقاه في هذا الحديث[4].
ورواه ابن أبي حاتم من طريق أخرى عن أبي عثمان قال: قلت: يا أبا هريرة، سمعت إخواني بالبصرة يزعمون أنك تقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة فقال أبو هريرة: والله بل سمعت نبي الله ﷺ يقول: إن الله يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنة ثم تلا هذه الآية: فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ [سورة التوبة:38].
  1. أخرجه البخاري في كتاب التوحيد - باب كلام الرب يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم (7072) (ج 6 / ص 2727) ومسلم في كتاب الإيمان - باب أدني أهل الجنة منزلة فيها (193) (ج 1 / ص 180) وبعض ألفاظه في مسند أحمد (11143) (ج 3 / ص 16).
  2. أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة - باب قصة أبي طالب (3670) (ج 3 / ص 1408) ومسلم في كتاب الإيمان - باب شفاعة النبي - صلى الله عليه و سلم - لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (209) (ج 1 / ص 194).
  3. أخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم - باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا (2808) (ج 4 / ص 2162).
  4. أخرجه أحمد (10770) (ج 2 / ص 521) وابن أبي شيبة (ج 8 / ص 187) وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان.

مرات الإستماع: 0

"مِثْقالَ ذَرَّةٍ [النساء:40] أي: وزنها، وهي النملة الصغيرة، وذلك تمثيل بالقليل تنبيها على الكثير."

هذا هو المعنى الذي تعرفه العرب في كلامها، أنه إذا ذُكرت الذرة يعني صغار النمل تمثيلًا للشيء القليل، هذا معهود العرب في الخطاب، ولا يجوز حمله على غير ذلك كقول بعض من يشتغل بالتفسير العلمي: بأن الذرة هي الجزء الصغير المُكون من سالب وموجب إلى آخره، فهذا غير صحيح، ولا يُمكن أن يُفسّر به القرآن؛ لأنه لا يجوز أن يُفسر القرآن باصطلاحٍ حادث، ولا يجوز حمله على غير معهود الأميين في الخطاب، هذا مع أنه وُجد ما هو أصغر من الذرة كما هو معلوم وهؤلاء للأسف طاروا زمنًا طويلًا بهذه المقالة، وأذاعوا في العالم أن القرآن أثبت ما اكتشفه العلم الحديث بعد أربعة عشر قرنًا من أن أصغر جزءٍ في الكون هو الذرة، ثم اكتشف العلم أن هناك ما هو أصغر من الذرة، مثل هذه الأشياء لا شك أنها تعود على القرآن بخلاف ما قصدوا من رفع شأنه، وأنه حق وأنه من عند الله - تبارك وتعالى - ثم يأتي ما يُبطل هذه النظريات، وللأسف هي تُذكر على أنها حقائق علمية وليست كذلك.

فالقرآن يُنزه عن مثل هذا، فالذرة هي الشيء الصغير، إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [لقمان:16]، واللطيف كما ذكرنا في "الأسماء الحسنى"[1] مما فُسّر به أو مما يدخل في معناه الذي يعلم دقائق الأشياء، الأشياء الدقيقة، والخبير هو الذي يعلم الخفايا والبواطن كما قال الله : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47]، فلا يضيع عند الله شيء إن كان مثقال ذرة، فالوزن: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8] الوزن عند الله بمثاقيل الذر، يُحاسب على النظرة، وعلى حركة الجفن، والعين التي قصد بها معنًى، الغمزة وتحريك الشفة إذا قصد به شيئًا، وإشارة اليد، ونحو ذلك يُحاسب عليها، وكيف بالعظائم!

"قوله تعالى: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةٌ [النساء:40] بالرفع فاعلٌ، وتكُ تامة، وبالنصب خبرٌ على أنها ناقصة، واسمها مضمرٌ فيها."

وَإِنْ تَكُ حَسَنَةٌ هذه قراءة أهل الحجاز، قراءة متواترة بالرفع فاعل، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةٌ وتكون هنا كان تامة، يعني كأنها وإن توجد أو تقع حسنة، فتكون حسنة فاعل بهذا الاعتبار، أي توجد، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةٌ يعني وإن توجد حسنةٌ، فالحسنة فاعل، وبالنصب وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً خبر على أنها ناقصة، يعني كان ناقصة وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً واسمها ضميرٌ مضمرٌ فيها يعني وإن تكُ فعلته حسنةً، هذا إذا كان "كان" ناقصة بمعنى أنها ترفع المبتدأ اسمًا لها، وتنصب الخبر خبرًا لها، وإن تكُ فعلته حسنةً يُضاعفها، هذه القراءتين، وهذا واضح - والله أعلم -هذا معنى قوله: واسمها مضمرٌ فيها.

"قوله: يُضاعِفْها [النساء:40] أي يكثّرها واحدةٌ بعشرٍ إلى سبعمائة أو أكثر."

فهي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة إلى أكثر من ذلك، وكما قال الله : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الأنعام:160]، وفي الإنفاق كما مضى في البقرة: مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ [البقرة:261]، ومضى قول الحافظ ابن كثير - رحمه الله - بأن قوله: وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ يعني بحسب ما يحتف بهذه النفقة من الإخلاص، وكذلك النفع المترتب عليها يعني الجهة التي تُبذل فيها هذه النفقة في فضلها، فضل المكان، فضل الزمان، فضل المُعطى فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ۝ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ۝ فَكُّ رَقَبَةٍ ۝ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ۝ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ [البلد:11-15] الآيات.

فإذا كانت الحاجة شديدة كان الأجر المُترتب على هذا أعظم، لما هو الآن المسغبة كما نُشاهد الآن في بلاد الشام، وفي بلادٍ أخرى من حولنا تجد الناس في هذا الشتاء الشديد قد لا يجدون خيمة يبقون تحتها من المطر، يحفرون حُفر في الأرض، هذه مسغبة شديدة، هؤلاء في كُربة، وهكذا، إذا زادت الحاجة، وعظمت زاد الأجر، وهكذا في الزمان، والمكان، لكن إذا وُجدت الحاجة لا ينتظر زمانًا، ولا مكانًا، يعني يقول هذا المكان أفضل؛ لأنه أشرف كمكة أو نحو ذلك، لا، والله قال كما في البقرة: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [البقرة:274]، بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ معناها إنه لا ينتظر في نفقته إذا وُجدت الحاجة في النهار انتظر الليل يقول من أجل أن يكون سرًا، أو إذا دعت الحاجة في الليل قال: الصباح رباح يكون خير في الصباح إن شاء الله، لا، يُنفق متى ما دعت الحاجة إن كان ليلًا، أو كان نهارًا.

"قوله: وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ [النساء:40]، أي: من عنده تفضلًا وزيادةً على ثواب العمل."

وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ لدن هذه أخص من عند، يعني لو قال: ويؤتِ من عنده وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ فهي أخص، وهذا المؤتى فُسّر بالجنة، وهذا مروي عن جماعة من السلف كأبي هريرة، وعكرمة وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والضحاك[2].

وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا فلا شك أن الجنة داخلة في هذا لكن هنا ذكر المضاعفة في الأجر وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا يعني الجنة، يعني غير المُضاعفة، زائد على المضاعفة، المضاعفة إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ما هو إذن فوق المضاعفة؟

الجنة، وقد يُفسّر بما يؤتيه من الأجور المضاعفة، وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ولكن ما ذُكر من أنه الجنة هذا قول طائفة كبيرة من السلف

  1. على الرابط التالي: https://khaledalsabt.com/cnt/slasel/5222.
  2. تفسير ابن كثير (2/305).