"الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتابِ [النساء:44]، هم اليهود هنا، وفي الموضع الثاني، قال السهيلي: في الموضع الأول: نزل في رفاعة بن زيد بن التابوت، وفي الثاني: نزل في كعب بن الأشرف."
قوله - تبارك وتعالى -: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ [النساء:44].
قال: "هم اليهود هنا، وفي الموضع الثاني"، هو قوله بعدها أَلَمْ ترَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ [النساء:51].
يقول: "قال السهيلي"، السهيلي له كتاب في المبهمات، ومثل هذا يعد من جملة المبهمات، يعني أبهم هؤلاء.
يقول: "نزل في رفاعة بن زيد بن التابوت" الموضع الأول الذي هو هذا، فهذا مخرج عند ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس - ا - قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظمائهم، إذا كلم رسول الله ﷺ لوى لسانه، وقال: (راعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك) وطعن في الإسلام، وعابه، فأنزل الله أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ [النساء:44] هذا لا يصح في سبب النزول، الرواية هذه لا تثبت، لكن ظاهر من السياق أن المقصود بذلك: اليهود، وهكذا الموضع الثاني.
يقول: "في الثاني نزل في كعب بن الأشرف" وهذا أيضًا جاء عن ابن عباس - ا - عند أحمد، والبزار، وابن جرير وابن أبي حاتم وصحح إسناده الحافظ ابن كثير قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة، قالت قريش: ألا ترى هذا الصنبور من قومه، يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج، وأهل السدانة، والسقاية، قال: أنتم خير، قال: فنزل: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3]، ونزل أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ [النساء:44] إلى: نَصِيرًا [النساء:45].
"يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ: عبارة عن إيثارهم الكفر على الإيمان، فالشراء مجاز كقوله: اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى [البقرة:16]."
في قوله: اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى [البقرة:16] كما سبق في سورة البقرة، يعني استعاضوا، وهنا يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ: يعني يؤثرونها على الهدى.