الإثنين 14 / ذو القعدة / 1446 - 12 / مايو 2025
مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۝ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً [سورة النساء:80-81].
يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد ﷺ بأنه من أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله، وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني وهذا الحديث ثابت في الصحيحين[1].
وقوله: وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [سورة النساء:80] أي: ما عليك منه، إن عليك إلا البلاغ فمن اتبعك سعد، ونجا، وكان لك من الأجر نظير ما حصل له، ومن تولى عنك خاب وخسر، وليس عليك من أمره شيء، كما في جاء في الحديث: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله، ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه[2]
  1. أخرجه البخاري في كتاب الأحكام – باب قول الله تعالى: أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [سورة النساء:59] (6718) (ج 6 / ص 2611) ومسلم في كتاب الإمارة - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (1835) (ج 3 / ص 1466).
  2. أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة - باب الرجل يخطب على قوس (1099) (ج 1 / ص 428) وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود برقم (1097).

مرات الإستماع: 0

"قوله - تعالى -: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80] هذه الآية من فضائل رسول الله ﷺ وإنما كانت طاعته كطاعة الله؛ لأنه يأمر، وينهى عن الله، [وفي النسخ الخطية: وإنما كانت طاعته طاعة الله؛ لأنه يأمر، وينهى عن الله]."

كل هذا لا إشكال فيه، وإنما كانت طاعته كطاعة الله، وإنما كانت طاعته طاعةً لله، كل هذا يؤدي المعنى المراد، طبعًا أليق بالسياق - سياق الآية - وإنما كانت طاعته طاعةً لله، هذا أليق من أن يُقال كطاعة الله؛ لأن الله قال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ [النساء:80] جاء بقد التي تفيد التحقيق فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80] لكن ما في النسخة هنا عندنا يؤدي المعنى، وفي النسخ الثانية كطاعة الله.

"قوله - تعالى -: وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [النساء:80] أي من أعرض عن طاعتك، فما أنت عليه بحفيظٍ تحفظ أعماله، بل حسابه، وجزاؤه على الله، وفي هذا متاركةٌ، وموادعةٌ منسوخةٌ بالقتال."

دعوى النسخ في مثل هذا منسوخة بالقتال، أو بآية السيف لا دليل عليه، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، فمثل ذلك يمكن أن يُحمل - والله تعالى أعلم - بمعنى أن الحساب على الله - تبارك، وتعالى - وإنما عليك البلاغ، كنظائره في كتاب الله - تبارك، وتعالى - والله أعلم.