يعني: فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً [سورة النساء:95] من غير أولي الضرر، وأما أولوا الضرر فإنهم يلحقون بالمجاهدين؛ لأنهم حبسهم العذر، وهذه الدرجة، والمنزلة التي تكون للمجاهدين يحصل فيها التفاوت بينهم بحسب بلائهم، وبذلهم، وما يقع لهم، فمنهم من يموت في ساحة المعركة - يقتل شهيداً -، ومنهم من يموت في طريقه إلى الجهاد، ومنهم من يموت من أثر ذلك مما يصيبه من الجراح، لكنه لا يموت في أرض المعركة، فهؤلاء، وكذا من لم يمت منهم بسبب الجهاد لهم درجات متفاوتة كما جاء في هذا الحديث، ويكون ذلك هو المراد بقوله: دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً [سورة النساء:96].
ويمكن أن يكون ذلك باعتبار عموم أهل الإيمان، أي أنه لما ذكر أن المجاهدين لهم درجة على غيرهم قال: دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً [سورة النساء96] يعني أن أهل الإيمان يتفاوتون في هذه الدرجات، فالإيمان درجة، والهجرة درجة، والصديقية درجة، فأهل الإيمان على درجات - والله تعالى أعلم - .
- أخرجه البخاري عن أبي هريرة في كتاب الجهاد، والسير - باب درجات المجاهدين في سبيل الله (2637) (ج 3 / ص 1028)، ومسلم عن أبي سعيد في كتاب الإمارة - باب بيان ما أعده الله تعالى للمجاهد في الجنة من الدرجات (1884) (ج 3 / ص 1501).