الثلاثاء 08 / ذو القعدة / 1446 - 06 / مايو 2025
دَرَجَٰتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"ثم أخبر سبحانه بما فضلهم به من الدرجات في غرف الجنان العاليات، ومغفرة الذنوب، والزلات، وحلول الرحمة، والبركات، إحساناً منه، وتكريماً؛، ولهذا قال تعالى: دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [سورة النساء:96]، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدَّها الله للمجاهدين في سبيله ما بين كل درجتين كما بين السماء، والأرض[1]."

يعني: فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً [سورة النساء:95] من غير أولي الضرر، وأما أولوا الضرر فإنهم يلحقون بالمجاهدين؛ لأنهم حبسهم العذر، وهذه الدرجة، والمنزلة التي تكون للمجاهدين يحصل فيها التفاوت بينهم بحسب بلائهم، وبذلهم، وما يقع لهم، فمنهم من يموت في ساحة المعركة - يقتل شهيداً -، ومنهم من يموت في طريقه إلى الجهاد، ومنهم من يموت من أثر ذلك مما يصيبه من الجراح، لكنه لا يموت في أرض المعركة، فهؤلاء، وكذا من لم يمت منهم بسبب الجهاد لهم درجات متفاوتة كما جاء في هذا الحديث، ويكون ذلك هو المراد بقوله: دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً [سورة النساء:96].
ويمكن أن يكون ذلك باعتبار عموم أهل الإيمان، أي أنه لما ذكر أن المجاهدين لهم درجة على غيرهم قال: دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً [سورة النساء96] يعني أن أهل الإيمان يتفاوتون في هذه الدرجات، فالإيمان درجة، والهجرة درجة، والصديقية درجة، فأهل الإيمان على درجات - والله تعالى أعلم - .
  1. أخرجه البخاري عن أبي هريرة في كتاب الجهاد، والسير - باب درجات المجاهدين في سبيل الله (2637) (ج 3 / ص 1028)، ومسلم عن أبي سعيد في كتاب الإمارة - باب بيان ما أعده الله تعالى للمجاهد في الجنة من الدرجات (1884) (ج 3 / ص 1501).

مرات الإستماع: 0

"وانتصب دَرَجَاتٍ على البدل من الأجر، أو بفعلٍ مضمر.

 

الفعل المضمر يعني لربما أيضًا يعني كان ذلك هنا على البدل من الأجر، أو بفعلٍ مضمر دَرَجَاتٍ هنا نصبه - كما هو معلوم - يكون بالكسرة، فإذا قيل: بأنه منصوب يكون على البدل أَجْرًا عَظِيمًا ۝  دَرَجَاتٍ باعتبار أنها تفسير لهذا الأجر، أو بدل منه، أو بفعلٍ مُضمر يعني مثلًا أعطى دَرَجَاتٍ أو نحو ذلك، ويمكن أن يكون ذلك على الجر ذوي دَرَجَاتٍ منه لكن فيه بعد، والله أعلم، أو في دَرَجَاتٍ منه وهذا أيضًا لا يخلو من بعد، والله أعلم، فهي منصوبة - والله أعلم - لأنه حتى الذي عُطف عليها المغفرة جاء منصوبًا.

"وانتصب مَغْفِرَةً وَرَحْمَةً [النساء:96] بإضمار فعلٍ [وفي النسخ الخطية: بإضمار فعلهما] أي غفر لهم، ورحمهم مغفرة، ورحمة."

غفر لهم، ورحمهم بإضمار فعلٍ منهما، كذا؟

بإضمار فعلهما.

فعلهما، لأ فعلهما أحسن، فعلها لهما، فعلهما أوضح.