يعني بمعنى أن قوله: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ شرعوا لهم الضمير يرجع إلى المشركين، يعني الشركاء شرعوا للمشركين، هذا الذي عليه عامة المفسرين، خلافًا لمن قال: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ أن المشركين هم الذين شرعوا، يعني اخترعوا عبادات لهؤلاء المعبودين، فحللوا أشياء من عند أنفسهم، وحرموا أشياء، وتقربوا إلى هؤلاء الطواغيت والأوثان، والمعبودات الباطلة، لكن الأول هو الأرجح، وهو الذي عليه عامة المفسرين، يعني يرجع الضمير إلى المشركين: شَرَعُوا يعني أن الآلهة هذه، أو الشركاء شرعت للمشركين أشياء فحللت وحرمت، وما إلى ذلك، هذا الذي عليه عامة المفسرين شَرَعُوا لَهُم يعني: للمشركين.
وقد ثبت في الصحيح: أن رسول الله ﷺ قال: رأيت عمرو بن لُحَيّ بن قَمَعَة يَجُر قُصْبَه في النار[1]؛ لأنه أول من سيب السوائب.
وكان هذا الرجل أحد ملوك خزاعة، وهو أول من فعل هذه الأشياء، وهو الذي حَمَل قريشًا على عبادة الأصنام - لعنه الله وقبحه -، ولهذا قال تعالى: وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أي: لعوجلوا بالعقوبة، لولا ما تقدم من الإنظار إلى يوم المعاد.
وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: شديد موجع في جهنم وبئس المصير.
لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ يعني يقول هنا: لعوجلوا بالعقوبة بينهم، بعضهم يقول: لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بين أهل الإيمان وأهل الكفر، فعاجل هؤلاء الكفار بالعقوبة.
وبعضهم يقول: لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أي: بين العابدين والمعبودين، يعني هؤلاء الذين اتخذوا شركاء من دون الله - تبارك وتعالى -: لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بين المشركين والشركاء الذين زعموهم، واتخذوهم من دون الله.
- رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ المائدة:103، رقم (4623) ومسلم، كتاب في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون، رقم (2856).