الأحد 25 / ذو الحجة / 1446 - 22 / يونيو 2025
وَءَاتَيْنَٰهُم مِّنَ ٱلْءَايَٰتِ مَا فِيهِ بَلَٰٓؤٌا۟ مُّبِينٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله : وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ أي: الحجج، والبراهين، وخوارق العادات، مَا فِيهِ بَلَاء مُّبِينٌ أي: اختبار ظاهر جلي لمن اهتدى به.

لاحظ وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ الآيات بمعنى العلامات والحجج إلى آخره، مَا فِيهِ بَلَاء مُّبِينٌ البلاء هنا فسره بالاختبار، والبلاء يأتي بمعنى الاختبار، لكن هذا الاختبار تارة يكون بالخير، وتارة يكون بالشر، تارة يكون بالرخاء، وتارة يكون بالشدة، فمن أهل العلم من قال: لمّا كان هذا في بني إسرائيل وليس في الفراعنة فهو يمتن عليهم وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاء مُّبِينٌ، فهو يذكر نعمه على بني إسرائيل، ولهذا جاء عن بعض السلف كقتادة أن هذا في النعم، يعني أن قتادة عدد الأشياء التي هي من قبيل النعم على بني إسرائيل، يعني مثل إنجاء بني إسرائيل من فرعون، وكذلك أيضًا أنزل عليهم المن والسلوى، وظلل عليهم الغمام، وفلق لهم البحر، إلى غير ذلك، فالبلاء المبين هنا النعم، فهذا في مقام امتنان على بني إسرائيل، كيف أن الله اصطفاهم وآتاهم من الآيات ما فيه بلاء مبين، يعني أعطاهم نعمًا متتابعة ومع ذلك حصل منهم ما حصل، فالبلاء المبين هنا مشى قتادة على أنه هذه النعم؛ ولهذا جاء عنه أن ذلك يراد به النعمة الظاهرة، يقال: البلاء المبين هو النعمة الظاهرة، هكذا فسر البلاء المبين.

وابن جرير في هذا الموضع قال: البلاء المبين هنا يحتمل البلاء الذي قد يكون في الرخاء، والذي قد يكون بالشدة، فقد يكون هذا البلاء المبين بما ذكر من هذه النعم، وقد يكون بما ابتلاهم الله - تبارك وتعالى - به من ألوان الشدائد كالتيه الذي حصل لهم، قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ [سورة المائدة:26] فهذا بلاء شدة، فابن جرير يقول: لما كان البلاء يأتي لهذا وهذا وليس عندنا دليل يدل على أحدهما فيحتمل أن يكون المراد البلاء بالنعمة، ويحتمل أن يكون البلاء بالشدائد، يقول: ليس عندنا دليل على أحدهما، هذا الموضع لم يرجح فيه، لم يجمع بين القولين، هذا مثال على النوع الثاني الذي ذكرته، يقول: يحتمل هذا، وهذا.