قال: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، مضى الكلام على أَحْسَنَ، طيب وما حكم بقية الأعمال؟، هنا أَحْسَنَ أفعل تفضيل، طيب وما حكم الحسن؟
بعض أهل العلم قال في قوله تعالى: أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا: المقصود بأفعل التفضيل هنا: مطلق الاتصاف، يعني: الحسن من أعمالهم، وهذا يأتي في اللغة، كما مضى في بعض المناسبات، وبعضهم يقول: إن "أحسن" هنا مقصودة، يعني: أفعل التفضيل باعتبار أن الأعمال التي يعملها الناس منها: ما هو المباح، ومنها: ما هو الطاعة والقربة، فالقربات والطاعات هي الأحسن.
وأما ما يتعلق بالجزاء الوارد في مواضع أخرى من كون الله يجزي هؤلاء المؤمنين بأحسن ما كانوا يعملون فذاك ذكرنا فيه أوجهًا أخرى، يعني: بعض أهل العلم يقول: إنه يُرَفِّعُ لهم الأعمال، فأعمالهم بين حسن وأحسن، فيجازيهم على الحسن بالأحسن، هكذا قال بعض أهل العلم، وقيل غير ذلك، وقد سبق في مواضع من هذا التفسير، وكذلك في مثل قوله - تبارك وتعالى -: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [الزمر:18]، هناك أجوبة أخرى، ما هو أحسن ذلك؟ فقد ذكرنا هناك أن بعض أهل العلم يقولون: إن الذي يستمعونه: يستمعون كلامًا مباحًا، ويستمعون كلامًا خيِّرًا صالحًا - فهو من قبيل المحبوب لله ، ويستمعون كلامًا سيئًا، فهؤلاء يتبعون أحسنه، وقيل غير ذلك.
وهنا بعضهم يقول: الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا يعني: ما يتصل به الثواب، يعني: غير المباحات والأمور التي لا يتعلق بها ثواب.
فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، أي: هم في جملة أصحاب الجنة، هذا حكمهم عند الله.
وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ، وَعْدَ الصِّدْقِ هذا مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله، وَعْدَ الصِّدْقِ يعني: هذا الذي وعدناهم هو وعد الصدق، أو أنه مصدر لفعل محذوف، أي: وعدهم الله وعد الصدق، والله أعلم.