وقوله - تبارك، وتعالى -: يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ [سورة المائدة:16] يحتمل رجوع الضمير في قوله: يَهْدِي بِهِ إلى الكتاب؛ لأنه أقرب مذكور، وهذا اختيار ابن جرير - رحمه الله -، ويحتمل أنه يرجع إليهما جميعاً، أي إلى النور، والكتاب، وهذا باعتبار أن النور هو النبي ﷺ، والكتاب هو القرآن.
يَهْدِي بِهِ اللّهُ يعني بما ذُكر، وأفرد الضمير هنا لوجود الملازمة بين الأمرين - بين النور، وبين الكتاب - فإذا فسرنا النور بأنه الرسول - عليه الصلاة، والسلام - فالكتاب قد نزل عليه، وإفراد الضمير له نظائر في القرآن، فالله قال: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا [سورة الجمعة:11] فلم يقل: انفضوا إليهما، وقال عن طاعة الله، وطاعة الرسول ﷺ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ [سورة الأنفال:20] فوحَّد الضمير؛ لأن طاعة الرسول ﷺ من طاعة الله، وهذا له نظائر، وأنواع كثيرة في القرآن، يأتي لأغراض شتى كما يقال.
وإذا قلنا: إن النور، والكتاب المبين من أوصاف القرآن - وهو قول له وجه قوي من النظر - فإن ذلك لا إشكال فيه حيث يكون المراد بقوله: يَهْدِي بِهِ اللّهُ [سورة المائدة:16] القرآن، فهو النور، والكتاب المبين الذي أنزله على عبده، ورسوله محمد ﷺ.