يقول تعالى مخبراً، وحاكماً بكفر النصارى في ادعائهم في المسيح ابن مريم، وهو عبد من عباد الله، وخلق من خلقه أنه هو الله - تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً -.
ثم قال مخبراً عن قدرته على الأشياء، وكونها تحت قهره، وسلطانه: قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [سورة المائدة:17] أي: لو أراد ذلك فمن ذا الذي كان يمنعه منه، أو من ذا الذي يقدر على صرفه عن ذلك."
كلام الحافظ ابن كثير هنا أن المعنى في قوله: فَمَن يَمْلِكُ أي فمن يقدر، وعبر غيره كابن جرير - رحمه الله - بقوله: فمن يطيق؛ لأن هذا اللفظة تدل على القُدرة، تقول: ملكت على فلان أمره، يعني أنك صرت قادراً على قهره، وتمكنت من ذلك، فالله هنا يقول: قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [سورة المائدة:17] أي من يطيق، ويقدر على منعه من ذلك لو أراده؟ وهذا الاستفهام مضمن معنى الإنكار، يعني لا أحد يقدر على الحيلولة بينه، وبين ما أراد، وإذا كان الأمر كذلك فهو الإله الواحد، المتصرف، الرب المعبود الذي لا يشاركه في ملكه، وتدبيره، وتصرفه، وإلهيته أحد من خلقه، فالمسيح - عليه الصلاة، والسلام - لم يقدر أن يدفع عن أمه الموت، كما لا يطيق أن يدفع عن نفسه الأذى أياً كان، فالله - هو الذي بيده تدبير الأمور لا يخرج شيء من ذلك عن قدرته، وإرادته.