البَيْض: هو ما يضعه المقاتل على رأسه مثل المغفر، واليَلب: يمكن أن يفسر بالفولاذ تقول: هذا مقنع بالحديد.
كانت المعاقدة بين النبي ﷺ، وبين الأنصار في البيعة أنهم يمنعونه مما يمنعون منه أزواجهم، يعني أنهم لا يسلمونه لعدو، فقد يفهم من هذا أنهم يدفعون عنه من قصده في المدينة، لكن كون النبي ﷺ يخرج إلى أهل مكة في بدر، فهل هذا داخل في هذه البيعة أو غير داخل؟ أي هل يلزمهم ذلك، أو لا يلزمهم، فأراد النبي ﷺ أن يسمع منهم.
برك الغماد هذه،بعضهم يقول: هي من، وراء الساحل خلف مكة خمس ليالٍ، وبعضهم يقول غير هذا.
يعني أن اليهود ابتلاهم الله بخوف، وابتلاهم بطمع، وابتلى الله هذه الأمة بخوف، وابتلاهم بطمع، اليهود قيل لهم: ادخلوا هذه المدينة فهابوا، ونكلوا، وأصحاب النبي ﷺ لما فاتت العير، وبقوا أمام النفير، سألهم النبي ﷺ، فقالوا له: لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى، فهم بهذا أفضل من بني إسرائيل.
وأما الطمع ففي قصة الحيتان التي كانت تأتيهم يوم سبتهم شرعاً، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، فغلبهم الطمع، والقرم، وهو شهوة اللحم، فصاروا يحتالون، فيلقون الشباك في الجمعة، ويأخذونها يوم الأحد، فأخفقوا في هذا الامتحان، وأما هذه الأمة فالله قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ [سورة المائدة:94] فقوله: تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ أي أنه قريب جداً منكم ابتلاء، واختباراً، والنبي ﷺ حينما كان في طريقه إلى مكة مرَّ ﷺ بظبي حاقف - والحاقف هو الذي أمال عنقه إلى بطنه، ونام على صدره - فقال: لا يريبه أحد[1] أي: لا أحد يزعجه، ولا ينفره، فتصور كم عدد الذين مع النبي ﷺ؟ إنهم أعداد هائلة، ومع ذلك لم يحركه، ولم ينفره أحد بل كانوا في غاية الانضباط مع أن العرب يستفزهم الصيد بمجرد رؤيته، ومع ذلك ما حصل منهم هذا، والحاصل أنهم ما كانوا يعتدون، وما كانت تغلبهم شهوة الصيد، فيفعلوا ما نهاهم الله عنه، فهم أفضل من بني إسرائيل حينما لاح لهم الطمع، وأفضل منهم حينما كانوا أمام الخوف.
- أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج - ما يجوز للمحرم أكله من الصيد (2818) (ج 5 / ص 182)، وصحح إسناده العلامة الألباني في صحيح النسائي برقم (2818).