السبت 03 / ذو الحجة / 1446 - 31 / مايو 2025
فَطَوَّعَتْ لَهُۥ نَفْسُهُۥ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله تعالى: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ [ سورة المائدة:30] أي: فحسنت، وسولت له نفسه، وشجعته على قتل أخيه فقتله، أي: بعد هذه الموعظة، وهذا الزجر.
وقال ابن جرير: لما أراد أن يقتله جعل يلوي عنقه، فأخذ إبليس دابة، ووضع رأسها على حجر، ثم أخذ حجراً آخر، فضرب به رأسها حتى قتلها، وابن آدم ينظر، ففعل بأخيه مثل ذلك."

على كل حال هذا من المأخوذ من الإسرائيليات.
رواه ابن أبي حاتم، وقال عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: أخذ برأسه ليقتله، فاضطجع له، وجعل يغمز رأسه، وعظامه، ولا يدري كيف يقتله، فجاءه إبليس فقال: أتريد أن تقتله، قال: نعم، قال: فخذ هذه الصخرة، فاطرحها على رأسه، قال: فأخذها فألقاها عليه، فشدخ رأسه، ثم جاء إبليس إلى حواء مسرعاً، فقال: يا حواء إن قابيل قتل هابيل، فقالت له: ويحك وأي شيء يكون القتل؟ قال: لا يأكل، ولا يشرب، ولا يتحرك، قالت: ذلك الموت، قال: فهو الموت، فجعلت تصيح حتى دخل عليها آدم، وهي تصيح، فقال: ما لك؟ فلم تكلمه، فرجع إليها مرتين، فلم تكلمه، فقال: عليك الصيحة، وعلى بناتك، وأنا وبني منها براء.[رواه ابن أبي حاتم]."

قوله: "عليك الصيحة، وعلى بناتك" يعني أن البكاء من شأن النساء، وليس من شأن الرجال، كما قال الشاعر:
بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له ببعض الأذى لم يدرِ كيف يجيب
فلم يعتذر عذر البريء ولم تزل سكتة حتى يقال غريب
يعني أن سلاحها دموعها، لكن هذا من المأخوذ من الإسرائيليات.
"وقوله: فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ [سورة المائدة:30] أي في الدنيا والآخرة، وأي خسارة أعظم من هذه؟
وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: لا تُقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه كان أول من سن القتل وقد أخرجه الجماعة سوى أبي داود[1].
وروى ابن جرير عن عبد الله بن عمرو - ا - أنه كان يقول: إن أشقى الناس رجلاً ابن آدم الذي قتل أخاه، ما سُفك دم في الأرض منذ قتل أخاه إلى يوم القيامة إلا لحق به منه شر، وذلك أنه أول من سن القتل."
  1. أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء - وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة (3157) (ج 3 / ص 1213) ومسلم في كتاب القسامة، والمحاربين، والقصاص، والديات - باب بيان إثم من سن القتل (1677) (ج 3 / ص 1303).