الأربعاء 02 / ذو القعدة / 1446 - 30 / أبريل 2025
وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَٰلِبُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وقد تقدم أن هذه الآيات كلها نزلت في عبادة بن الصامت حين تبرأ من حلف اليهود، ورضي بولاية الله، ورسوله، والمؤمنين، ولهذا قال تعالى بعد هذا كله: وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [سورة المائدة:56] كما قال تعالى: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ۝ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [سورة المجادلة:21-22] فكل من رضي بولاية الله، ورسوله، والمؤمنين فهو مفلح في الدنيا، والآخرة، ومنصور في الدنيا، والآخرة، ولهذا قال تعالى في هذه الآية الكريمة: وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [سورة المائدة:56]." 

مرات الإستماع: 0

"فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هذا من إقامة الظاهر مقام المضمر، معناه: فإنهم هم الغالبون".

"إقامة الظاهر" المقصود به: اسم الجلالة، يعني وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ يعني لم يقل: فإن حزبه هُمُ الْغَالِبُونَ مع قرب ما قبله، والأصل أن الضمائر تختصر الكلام، فأظهره في هذا الموضع الذي يصح فيه الإضمار، والإظهار في موضع الإضمار يكون لنكتة فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ يكون ذلك أعدى للتعظيم، والتفخيم، ونحو ذلك، وقد يقصد هنا بالإظهار أيضًا في قوله: فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ ولم يقل مثلاً: فإنهم هم الغالبون، وإنما قال: فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ تنويه بهم، وإبراز لما اتصفوا به، وهذه السمة التي كانت لهم.