يقول تعالى: قل يا محمد: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ أي: من الدين حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ أي: حتى تؤمنوا بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من الله على الأنبياء، وتعملوا بما فيها، ومما فيها الأمر باتباع محمد ﷺ، والإيمان بمبعثه، والاقتداء بشريعته."
فقوله - تبارك، وتعالى - هنا: وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ [سورة المائدة:68] قال الحافظ هنا: "أي: حتى تؤمنوا بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من الله على الأنبياء، وتعملوا بما فيها، ومما فيها الأمر باتباع محمد ﷺ ..." إلى آخره.
وقوله تعالى: حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ يعني العمل بها، والتحاكم إليها.
وقوله: وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ يحتمل أن يكون المراد: ما أنزل إليهم مما أوحاه الله إلى أنبيائهم مما ليس في التوراة، والإنجيل، ويحتمل معنىً آخر أي: سوى التوراة، والإنجيل، وهو القرآن، والفرق بين المعنيين ظاهر، وهذا الأخير هو الذي اختاره كبير المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله - أي أن قوله: وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ المراد به القرآن؛ باعتبار أن النبي ﷺ مبعوث للأحمر، والأسود، فبعثته ﷺ موجهة لأهل الكتاب، ولغيرهم.
والمعنى الذي ذكره ابن كثير - رحمه الله - يلزم منه هذا المعنى فإن مما أنزل إليهم من ربهم أن يؤمنوا بمحمد ﷺ، وأن يتبعوه.
فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [سورة المائدة:68] أي فلا تحزن عليهم، ولا يَهيدنَّك ذلك منهم."