الخميس 21 / محرّم / 1447 - 17 / يوليو 2025
وَإِن يَرَوْا۟ ءَايَةً يُعْرِضُوا۟ وَيَقُولُوا۟ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله:وَإِنْ يَرَوْا آيَةً أي: دليلا، وحجة، وبرهانا يعرضوا أي: لا ينقادون له، بل يعرضون عنه ويتركونه وراء ظهورهم،وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ أي: ويقولون: هذا الذي شاهدناه من الحجج سحرٌ سحرنا به.

قوله:وَإِنْ يَرَوْا آيَةً فـ آيَةً نكرة في سياق الشرط فهي للعموم، أيّ آية يرونها يقولوا: سحر مستمر، كما قال الله في سوره الأنعام:وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ [سورة الأنعام: 7] فهم في الوقت الذي يطلبون فيه الآيات إذا رأوا الآية كذبوا بها، وكما سبق في قوله -تبارك وتعالى-:وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ ۝ لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ[سورة الحجر: 14-15] من شده مكابرتهم، ولذلك أخبر الله أنه لم يجبهم في ما يطلبون وما يقترحون من نزول الآيات:وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً[سورة الإسراء: 59] يعني: آية مبصرة (فظلموا بها).

ومعنى مُسْتَمِرٌّ أي: ذاهب، قاله مجاهد، وقتادة، وغيرهما، أي: باطل مضمحل، لا دوام له.

هذان القولان بمعنى واحد ذاهب، باطل مضمحل لا دوام له، بمعنى ذاهب فهذا من قبيل اختلاف التنوع الاختلاف الصوري الذي لا يعد من الخلاف، فلا يقال: القول الأول ذاهب، والقول الثاني باطل، الذاهب هو الباطل وهذا هو الأقرب وهو المتبادر لربما من تفسير الآية وهو اختيار كبير المفسرين ابن جرير -رحمه الله-، وبعضهم يقول: المستمر يعني القوي الشديد،وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا عنها، ويقولوا: سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ، يقولون: مأخوذ من إمرار الحبل أي شده الفتل، وبعضهم يقول: مستمر أي دائم مطرد، لا يتوقف ولا ينقطع، وبعضهم يقول: مستمر يعني يشبه بعضه بعضاً، وبعضهم يفسره بمعنى آخر فيقول: هو من المرارة، يعني سحر مُر كما يقال: نفاق حامض، ولعل أقرب هذه المعاني -والله أعلم- أنه ذاهب باطل لا بقاء له، ويلي هذا -والله تعالى أعلم- أنه بمعنى المستمر أي دائم متصل.