هذه الآية تكررت في مواضع كثيرة من هذه السورة: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، ولا يقال - والله تعالى أعلم -: إن ذلك التكرار لمجرد التأكيد، بل هو مرتبط بمعنى، أو مرتبط بما ذكر قبله، وهذا يمكن أن يقال - والله تعالى أعلم - في جميع القرآن، وليس فيه تكرار محض - مجرد تكرار - أبداً، وما قد يظن من أنه تكرار ليس صحيحاً، فهذه الآيات فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كل واحدة عائدة لما ذكر قبلها مما ذكر، وسيأتي إيضاح ذلك يعني حتى ما جاء من ذكر جهنم هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [سورة الرحمن:43-45] حتى هذا فإنه بتعذيب هؤلاء ظهرت معاني أسمائه، وصفاته، وظهر اقتداره، وكماله، وعظمته، وقوته، وجبروته، وبهذا يظهر كمال نعيم أهل الجنة، فبضدها تتبين الأشياء، فهذا في هذا الموطن فكيف بالأشياء التي ذكرت فيها النعم الواضحة مثل هذا المقام؟! فكل واحدة من هذه مرتبطة بما قبلها:قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ [سورة الكافرون:1-5]، وهذا ليس بتكرار لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ يعني في الحال وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ يعني في الحال، فأنتم على دين وأنا على دين آخر وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ في المستقبل وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ في المستقبل لن تتحولوا إلى ديني، ولن أتحول إلى دينكم، لكم دينكم ولي دين، وبعض الناس قد يستصعب حفظ هذه السورة!، ويلتبس عليه، نقول: إذا فهمت المعنى سهل عليك الحفظ، فهذه ليس فيها تكرار، فليس في القرآن تكرار محض، وأوضح من ذلك ما في سورة الرحمن فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كل واحدة مرتبطة بالمعنى الذي قبلها يعني مما ذُكر - والله أعلم -.