الخميس 03 / ذو القعدة / 1446 - 01 / مايو 2025
لَّا تُدْرِكُهُ ٱلْأَبْصَٰرُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلْأَبْصَٰرَ ۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وقوله: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ [سورة الأنعام:103] أي: لا تدركه في الدنيا، وإن كانت تراه في الآخرة كما تواترت به الأخبار عن رسول الله ﷺ من غير ما طريق ثابت في الصحاح، والمسانيد، والسنن كما قال مسروق عن عائشة - ا - أنها قالت: "من زعم أن محمداً أبصر ربه فقد كذب"[1] وفي رواية: "على الله، فإن الله - تعالى - قال: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [سورة الأنعام:103]"[2].
وثبت في الصحيح من حديث أبي موسى الأشعري مرفوعاًَ: إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل النهار قبل الليل، وعمل الليل قبل النهار، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه[3].
وفي الكتب المتقدمة إن الله - تعالى - قال لموسى لما سأل الرؤية: "يا موسى إنه لا يراني حي إلا مات، ولا يابس إلا تدهده"، أي تدعثر.
وقال تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [سورة الأعراف:143] ونفي هذا الأثر الإدراك الخاص لا ينفي الرؤية يوم القيامة لعبادة المؤمنين كما يشاء، فأما جلاله، وعظمته؛ على ما هو عليه - تعالى وتقدس، وتنزه - فلا تدركه الأبصار".

يقول تعالى: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ [سورة الأنعام:103] الإدراك غير الرؤية؛ فالإدراك يعني الإحاطة، فنحن نرى السماء لكننا لا ندركها، والله قال لموسى ﷺ - ووعده صدق وحق لا يتخلف - قال له: لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى [سورة طه:77] يعني أن فرعون لن يدركك، قال تعالى: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى [سورة طه:77]، ومع ذلك قال الله عن قول قوم موسى: فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ [سورة الشعراء:61] يعني كل طائفة نظرت إلى الأخرى قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ۝ قَالَ كَلَّا [سورة الشعراء:61-62] لاحظ؛ فنفى الإدراك، أما الرؤية فتحققت مع أن الله وعده بقوله: لَّا تَخَافُ دَرَكًا [سورة طه:77] فرؤية الفراعنة لموسى ومن معه ليست من الإدراك؛ لأن الله وعده بأن لا يقع الإدراك، وبهذا نعرف الفرق بين الإدراك وبين الرؤية، فالله قال: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ [سورة الأنعام:103] أي: لا تحيط به وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [سورة الأنعام:103] أي: يحيط بها، فنظر الناظرين إليه كما قال : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ [سورة القيامة:22] يعني من النضرة والحسن إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [سورة القيامة:23] يعني تنظر إلى الله .
والنظر إذا عُدِّي بـ"إلى" فالمقصود به نظر العين، وإذا عدي بـ"في" فالمقصود به نظر القلب، والتفكر، تقول: نظرت في كذا، سأنظر في أمرك، بمعنى التفكر، وهنا قال الله في النظر إلى الله - تبارك وتعالى -: إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [سورة القيامة:23]، وفي الحديث: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته[4].
وأحاديث الرؤية متواترة، فعقيدة أهل السنة والجماعة أن أهل الإيمان يرون الله - تبارك وتعالى - في الآخرة، أما في الدنيا فإن هذه الرؤية لا تكون، ولم يره لا النبي ﷺ، ولا غير النبي ﷺ، ولهذا لما طلب موسى ﷺ الرؤية قال له ربه: لَن تَرَانِي [سورة الأعراف:143] ثم علق هذه الرؤية - أعني إمكانها - على أمر ممكن وليس مستحيلاً فقال: وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا [سورة الأعراف:143] فكون الجبل يبقى، وأن الله يقويه على هذا؛ هو أمر ممكن، فلما لم يعلقه بشيء مستحيل دل على أن الرؤية ممكنة ولكنها ممتنعة في الدنيا لضعف قوى الخلق عنها، وأما في الآخرة فإن الله ينشئوهم نشأة أخرى، والله أعلم.
"ولهذا كانت أم المؤمنين عائشة - ا - تثبت الرؤية في الدار الآخرة، وتنفيها في الدنيا، وتحتج بهذه الآية: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [سورة الأنعام:103] فالذي نفته الإدراك الذي هو بمعنى رؤية العظمة، والجلال؛ على ما هو عليه فإن ذلك غير ممكن للبشر، ولا للملائكة، ولا لشيء.
وقوله: وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [سورة الأنعام:103] أي: يحيط بها، ويعلمها على ما هي عليه؛ لأنه خلقها كما قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [سورة الملك:14] وقد يكون عبَّر بالإبصار عن المبصرين، كما قال السدي في قوله: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [سورة الأنعام:103] لا يراه شيء، وهو يرى الخلائق".

على هذا يكون معنى الأبصار أي: الناس، ويكون قوله تعالى: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [سورة الأنعام:103] أي: لا يدركه الناس وهو يدركهم، لكن هذا القول لا حاجة إليه.
"وقال أبو العالية في قوله تعالى: وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [سورة الأنعام:103] قال: اللطيف لاستخراجها، الخبير بمكانها - والله أعلم -، وهذا كما قال - تعالى - إخباراً عن لقمان فيما وعظ به ابنه: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [سورة لقمان:16]".

أحد معاني اللطيف أي الرفيق، والمعنى الآخر أي: الذي يعلم دقائق الأشياء، فالخبير هو الذي يعلم بواطن الأشياء، واللطيف هو الذي يعلم دقائقها، فالله تعالى ذكر هنا اللطيف، والخبير فقال: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ [سورة الأنعام:103] أي هو الذي يعلم دقائق الأمور، ويعلم بواطنها، والله أعلم.
  1. أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق - باب إذا قال أحدكم: آمين، والملائكة في السماء، فوافقت إحداهما الأخرى؛ غفر له ما تقدم من ذنبه (3062) (ج 3 / ص 1181) ومسلم في كتاب الإيمان - باب معنى قول الله : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [سورة النجم:13] وهل رأى النبي ﷺ ربه ليلة الإسراء؟ (177) (ج 1 / ص 159) إلا أن لفظ البخاري: "فقد أعظم" بدل قولها: "فقد كذب" ولفظ مسلم: "فقد أعظم على الله الفرية".
  2. سنن الترمذي في كتاب التفسير - باب تفسير سورة الأنعام (3068) (ج 5 / ص 262) وصححه الألباني.
  3. أخرجه مسلم في كتاب الإيمان - باب في قوله : إن الله لا ينام، وفي قوله حجابه النور لو كشفه لأحرق سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه (179) (ج 1 / ص 161).
  4. أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة - باب فضل صلاة العصر (529) (ج 1 / ص 203) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة - باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما (633) (ج 1 / ص 439).

مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ [الأنعام: 103] يعني في الدنيا، وأما في الآخرة، فالحق أن المؤمنين يرون ربهم، بدليل قوله: إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة: 23] وقد جاءت في ذلك أحاديث صحيحة صريحة المعنى، لا تحتمل التأويل، وقالت الأشعرية: إن رؤية الله في الدنيا جائزة عقلاً؛ لأن موسى سألها من الله، ولا يسأل موسى ما هو محال، وقد اختلف الناس: هل رأى رسول الله ﷺ ربه ليلة الإسراء، أم لا؟".

قوله هنا: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ قال: "يعني في الدنيا" فالمنفي هو الإدراك، وهو بمعنى الإحاطة، وهذا النفي جاء هكذا على سبيل العموم، والإطلاق فيشمل الدنيا، والآخرة، وليس في ذلك تعرض لنفي رؤية الله وإنما المنفي هنا الإدراك لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ بمعنى: لا تحيط به، وهذا لا يكون، ولا يحصل في الدنيا، وكذلك في الآخر، يعني أن الأبصار لا تحيط به مع أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة، كما دلّ على ذلك الكتاب، والسنة، أما القرآن فكقوله - تبارك، وتعالى -: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ [القيامة: 22] من النضارة، والحسن إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة: 23] فهذا من النظر، وعدي بـ(إلى) والنظر إذا عدي بـ(إلى) - كما هو معلوم - فهو النظر بالأبصار، وإذا عدي بـ(في) فقيل: نظرت في كذا، فهو بمعنى التفكر، والاعتبار، وإذا لم يعدّى بحرف، كقوله: انْظُرُونَا [الحديد: 13] فهو من الانتظار.

فأما الأحاديث فمعلومة، منها: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر[1] فهذا صريح، وثابت، ولا شك في ذلك.

وقد أطال الحافظ ابن القيم - رحمه الله - في الكلام على هذا الموضع[2] وكذلك أبو جعفر ابن جرير في تفسيره[3] فيمكن التوسع، والرجوع إلى هذا، وإلى مظانه من كتب الاعتقاد، والمسألة معلومة.

يقول: "وقالت الأشعرية" ولا حاجة لذكر قولهم، لكن المؤلف - رحمه الله - كان يعتبر أن هؤلاء أهل السنة، ووافقهم في كثير من المواضع، وإن خالفهم - رحمه الله - في أشياء، يقول: "وقال الأشعرية: إن رؤية الله - تعالى - في الدنيا جائزةٌ عقلاً؛ لأن موسى سألها من الله، ولا يسأل موسى ما هو محال" هؤلاء من المتكلمين سواءً كانوا من الأشعرية، أو من المعتزلة، الذين يذكرون مثل هذه العبارات في أصول الفقه، أو في الاعتقاد، ويطلقون القول بالجواز فيقصدون به الجواز العقلي، وأن ذلك جائز عقلاً، ويقابلون العقل بالشرع، يعني قد يقولون: جائز عقلاً، ممتنع شرعًا، ويقصدون بالجواز العقلي؛ أنه غير محال، فالمحال هو الممتنع عقلاً، ويسمونه: المحال العقلي، فالمحال منه ما هو محال عقلاً، ومنه ما هو محال شرعًا عندهم، ومنه ما هو محال عادةً، يسمونه المحال العهدي، يعني مثل وجود الثمر بلا شجر، ووجود الولد بلا نكاح، فهذا ممتنع عادةً، لكنه عقلاً ممكن، فمريم أنجبت عيسى - عليه الصلاة، والسلام - من غير زوج، وآدم وجد من غير أب، ولا أم، وحواء وجدت من غير أم، فهذا جائز عقلاً، لكنه ممتنع عادةً، فإذا وجد يكون على سبيل خرق العادة، والمعجزة.

وأما المحال الشرعي مثل دخول الكافر الجنة؛ لأن الله أخبر أنه لا يكون فهو محال شرعًا، لكنه جائز عقلاً، كما يقولون، يعني: أن العقل يتصور ذلك، ويجوزه، لكن المانع شرعي، فهم كما ترون يقابلون العقل بالشرع باعتبار أنهم يعتقدون، ويفترضون بأنه يمكن أن يقع التعارض بين العقل، والنقل؛ فيجعلون العقل خارجًا عن الشرع، فيفترضون التعارض بينهما؛ ولذلك يقولون: إذا تعارض العقل، والنقل، أو العقل، والشرع، قُدِّم العقل عندهم، ونحن معاشر أهل السنة نقول: بأن هذا لا يمكن أن يقع التعارض بين العقل الصحيح، والنقل الصريح، ومن ثم فإن العقل هو من أدلة الشرع عند أهل السنة، لكنه من الأدلة التابعة، فالكتاب، والسنة، وما يرجع إلى ذلك من الإجماع هذه أدلة أصلية، وأما الأدلة التابعة، فالعقل، والفطرة؛ ولهذا حينما يتحدثون عن مسائل في الاعتقاد مثل مسألة العلو مثلاً، يقولون: دل عليه الكتاب، والسنة، أو يقولون: دل عليه النقل، والعقل، والفطرة، فهنا يقولون: جائزة عقلاً في الدنيا، وإذا قالوا: جائزة عقلاً في الدنيا لا يعني أنها جائزة شرعًا، وعلى كل حال فهذا من الجدل، الذي لا حاجة إليه، فإذا كان لا يقع في الدنيا، ولا يمكن رؤية الله - تبارك، وتعالى - في الدنيا فلا حاجة لذكر مثل هذه الفرضيات.

"وقد اختلف الناس هل رأى رسول الله ﷺ ربه ليلة الإسراء أم لا؟". 

تعرفون حديث عائشة - ا -: "من حدثك أن محمدًا ﷺ رأى ربه فقد كذب" ثم قرأت: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [الأنعام: 103][4] فالنبي ﷺ لم يرَ ربه ليلة المعراج، وقال: نورٌ أنى أراه؟![5] وقال ﷺ: حجابه النور وفي رواية: النار، لو كشفه لأحرقت سبحات، وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه[6] فهذا حجاب من النور، وأما قوله - تبارك، وتعالى -: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ۝ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ۝ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى [النجم: 8 - 10] فهذا جبريل - عليه الصلاة، والسلام -.

"قوله تعالى: وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام: 103] قال بعضهم: الفرق بين الرؤية، والإدراك أن الإدراك يتضمن الإحاطة بالشيء، والوصول إلى غايته؛ فلذلك نفى أن تدرك أبصار الخلق ربهم، ولا يقتضي ذلك نفي الرؤية، وحسن على هذا قوله: وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ لإحاطة علمه تعالى بالخفيات". 

استدل بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -[7] والحافظ ابن القيم[8] بنفي الإدراك على إثبات الرؤية، باعتبار أن نفي الإدراك الذي هو الإحاطة يدل على أنه إذا رؤي لا تدركه الأبصار، يعني: تراه من غير إحاطة، ولا إدراك، وأن الله - تبارك، وتعالى - ذكر ذلك فقال: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ على سبيل التمدح، وإنما يكون المدح في الأوصاف الثبوتية، فلم يقل: بأنه لا يُرى، وإنما قال: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ فهو يُرى من غير إدراك، ولا إحاطة.

"قوله تعالى: اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الأنعام: 103] أي: لطيف عن أن تدركه الأبصار، وهو الخبير بكل شيء، فهو يدرك الأبصار".

مضى الكلام في الأسماء الحسنى، في اسم الله (اللطيف) بأنه يدل على معنيين: فاللطف قد يراد به أنه يعلم دقائق الأمور، وكذلك يدل على معنى الرفق، وكلاهما ثابت لله - تبارك، وتعالى - فإذا قُرن بالخبير فالمتبادر أن اللطيف هو الذي يعلم دقائق الأشياء، والخبير هو الذي يعلم الخفيات، فالله - تبارك، وتعالى - يعلم الدقائق، وهو أيضًا رفيق بخلقه بإيصال أنواع البر، واللطف، والإحسان بهم، بالطرق الخفية.

  1.  أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر برقم: (554) ومسلم في كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح، والعصر، والمحافظة عليهما برقم: (633).
  2.  حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 293).
  3.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (12/14).
  4. أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق: 39] برقم: (4855).
  5.  أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله - عليه الصلاة، والسلام -: نور أنى أراه وفي قوله: «رأيت نورًا» برقم: (178).
  6.  أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله - عليه الصلاة، والسلام -: إن الله لا ينام وفي قوله: «حجابه النور لو كشفه لأحرق سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» برقم: (179).
  7.  الصفدية (2/65).
  8.  حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 293).