الأربعاء 02 / ذو القعدة / 1446 - 30 / أبريل 2025
وَلَهُۥ مَا سَكَنَ فِى ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ ۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله تعالى -: "ثم قال تعالى: وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [سورة الأنعام:13] أي: كل دابة في السماوات والأرض، الجميع عباده، وخلقه، وتحت قهره، وتصرفه، وتدبيره، لا إله إلا هو.
وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [سورة الأنعام:13] أي: السميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم، وضمائرهم، وسرائرهم".

يقول الله - تبارك وتعالى -: وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [سورة الأنعام:13]: يمكن أن يكون الاقتصار على ما سكن باعتبار أنه الأغلب؛ لأن ما يتصف بالسكون أكثر مما هو متحرك كالنباتات، والجمادات وما شابه ذلك.
ويمكن أن يكون اقتصاره على ذكر ما سكن هو من قبيل ما يسميه البلاغيون بالاكتفاء، أي: أنه ذكر أحد المتقابلين ليدل به على الآخر، أو ذكر أحد الأمرين ليدل به على الآخر، وعلى هذا يقال: وَلَهُ مَا سَكَنَ أي: وما تحرك، ومن نظائر هذا قوله - تبارك وتعالى -: سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [سورة النحل:81] أي: وسرابيل تقيكم البرد.

مرات الإستماع: 0

"وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ [الأنعام: 13] عطف على قوله: قُلْ لِلَّهِ [الأنعام: 12] ومعنى سكن: حلَّ، فهو من السكنى، وقيل: هو من السكون، وهو ضعيف؛ لأن الأشياء منها ساكنة، ومتحركة فلا يعم.

والمقصود عموم ملكه تعالى لكل شيء."

فقوله: وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ [الأنعام: 13] يقول: ومعنى سكن: حلَّ، فهو من السكنى، وقيل: هو من السكون، وهو ضعيف، وعلل هذا بما ذكر، لأن الأشياء منها ساكنة، ومتحركة يعني أنه لا وجه لتخصيص الساكن؛ فالمتحرك أيضًا لله - تبارك، وتعالى - فإذا قيل: من السكنى، كان ذلك أعم، لأن كل شيء يتصف بذلك، لا يخرج عنه شيء، وأصل هذا اللفظ يدل على خلاف الاضطراب، خلاف الحركة، فيقال: للمستوطن، ويقال أيضًا: للثابت بعد الحركة، لكن من حمله على معنى السكون، وهم جمع من أهل العلم، علله باعتبار أن الساكن أكثر من المتحرك، وهو أكثر وجودًا، أو باعتبار أن كل متحرك يصير إلى السكون، فقال: وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ [الأنعام: 13] بخلاف العكس، فالساكن قد لا يكون متحركًا، أو لا يؤول إلى الحركة، أو باعتبار أن السكون هو الأصل، والحركة طارئة.

المقصود أن الذين قالوا: وله ما سكن يعني من السكون الذي يقابل الحركة، عللوه بتعليلات، ووجهوه بتوجيهات باعتبار أنه هو المقصود وَلَهُ ما سَكَنَ [الأنعام: 13] لماذا خص الساكن، والله له كل شيء، الساكن، والمتحرك، عللوه بمثل هذه التعليلات - والله أعلم - .