الثلاثاء 01 / ذو القعدة / 1446 - 29 / أبريل 2025
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓ ۗ إِنَّهُۥ لَا يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"ثم قال: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ [سورة الأنعام:21] أي: لا أظلم ممن تقول على الله، فادعى أن الله أرسله ولم يكن أرسله، ثم لا أظلم ممن كذب بآيات الله، وحججه، وبراهينه، ودلالاته، إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [سورة الأنعام:21] أي لا يفلح هذا ولا هذا، لا المفتري، ولا المكذب".

مرات الإستماع: 0

"وَمَنْ أَظْلَمُ [الأنعام: 21] لفظه استفهام، ومعناه لا أحد أظلم مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ، وذلك تنصل من الكذب على الله، وإظهاره لبراءة رسول الله ﷺ مما نسبوه إليه من الكذب، ويحتمل أن يُريد بالافتراء على الله ما نسب إليه الكفار من الشركاء، والأولاد."

قوله: وَمَنْ أَظْلَمُ لفظه استفهام، ومعناه لا أحد أظلم؛ باعتبار أنه استفهام مضمن معنى النفي وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام: 21] وسبق الجواب عن سؤال يرد في مثل هذا الموضع، وهو أنه جاءت هنا أفعل للتفضيل، لا أحد أظلم ممن افترى على الله، وفي مواضع أخرى ذكر أشياء أخرى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [البقرة: 114] إلى آخره، وأن الجواب يجاب عن هذا عادةً بجوابين:

الأول: أن كل آية تختص بموضعها، يعني: لا أحد أظلم في المانعين ممن منع مساجد الله، ولا أحد أظلم في المفترين ممن افترى على الله كذبًا.

أو أن ذلك باعتبار أن أفعل التفضيل لا تمنع الزيادة، لا تمنع التساوي، ولكنها تمنع الزيادة، والإشكال في أفعل التفضيل، لا أحد أظلم، فهي لا تمنع التساوي، ولكن تمنع الزيادة، فإذا فهمت هذا القدر؛ انحل الإشكال؛ لأن موضع الإشكال حينما تقول: فلان أكرم الناس، ثم مرة أخرى تقول عن آخر: فلان أكرم الناس، فهل في هذا تعارض، أكرم؟

الجواب: لا؛ باعتبار أن هؤلاء بلغوا الغاية في الكرم، فهي لا تمنع التساوي، لكن تمنع أن يزيد أحدهم عن الآخر؛ لأن أصل أفعل التفضيل معناها: أن اثنين اشتركا في صفة فزاد أحدهما على الآخر فيها، تقول: زيد أعلم من عمرو.

"قوله تعالى: أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ [الأنعام: 21] أي: علاماته، وبراهينه. [وفي جميع النسخ: وبراهين دينه]."

لا إشكال في هذا، كذب بآيات علامات، يعني باعتبار أن الآيات هي العلامات، والبراهين، التكذيب بالآيات هنا أهم من التكذيب بالآيات المتلوة؛ فيدخل فيه معجزات الأنبياء، والبراهين الدالة على صدقهم.