الثلاثاء 01 / ذو القعدة / 1446 - 29 / أبريل 2025
وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِىَ نَفَقًا فِى ٱلْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِى ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُم بِـَٔايَةٍ ۚ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"ثم قال تعالى: وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ [سورة الأنعام:35] أي: إن كان شق عليك إعراضهم عنك فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء [سورة الأنعام:35] قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا -: "النفق: السرب فتذهب فيه، فتأتيهم بآية، أو تجعل لك سلماً في السماء؛ فتصعد فيه، فتأتيهم بآية أفضل مما آتيتهم به فافعل"؛ وكذا قال قتادة، والسدي وغيرهما.
وقوله: وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ [سورة الأنعام:35] كقوله تعالى: وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا الآية [سورة يونس:99] قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا - في قوله: وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى [سورة الأنعام:35] قال: إن رسول الله ﷺ كان يحرص أن يؤمن جميع الناس، ويتابعوه على الهدى؛ فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من قد سبق له من الله السعادة في الذكر الأول.

مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ [الأنعام: 35] الآية: مقصودها حمل النبي ﷺ على الصبر، والتسليم لما أراد الله بعباده من إيمان، أو كفر، فإنه ﷺ كان شديد الحرص على إيمانهم، فقيل له: إن استطعت أن تدخل في الأرض، أو تصعد إلى السماء فتأتيهم بآية يؤمنون بسببها. [في النسخ: يؤمنوا بسببها] فافعل، وأنت لا تقدر على ذلك، فاستسلم لأمر الله، والنفق في الأرض معناه: منفذ تنفذ فيه إلى ما تحت الأرض، وحُذف جواب إن لفهم المعنى."

يعني فافعل، والعرب تترك الكلام اختصارًا ثقةً بفهم السامع؛ إذا كان لا يلتبس يحذفون، وهذا كثير، وابن جرير ينبه على هذا كثير في التفسير.

"قوله تعالى: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى [الأنعام: 35] حجة لأهل السنة على القدرية."

بهذا الاعتبار وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ أن كل شيء بمشيئة الله - عز، وجل - والقدرية يقولون: بأن الإنسان يخلق فعله، وأن الله - تبارك، وتعالى - لا يقدر على أفعال العباد، ولم يقدرها نعم، ولم يخلقها.

"قوله تعالى: فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ [الأنعام: 35] أي: من الذين يجهلون أن الله لو شاء لجمعهم على الهدى."