هذا وجه في المناسبة وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يقول: (لما ذكر قدرته على بعث الخلق كلهم، أتبعه بأن، وصف من كذب بذلك بالصمم، والبكم) وبعضهم يقول: لما بين من حال الكفار أنهم بلغوا في الكفر إلى حيث كانت قلوبهم قد صارت ميتة عن قبول الإيمان بقوله: إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [الأنعام: 36] ذكر هذه الآية تقريرًا لهذا المعنى، أنهم صم، وبكم في الظلمات، فهذا معنى ذكره صاحب التفسير الكبير[1].
وهكذا ذكر غيره أيضًا، أو ذكر نفس المؤلف قال لما ذكر تعالى في قوله: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ [الأنعام: 38] بكونها دالة على كونها تحت تدبير، وتقدير حكيم قدير، وفي أن عناية الله محيطة بهم، ورحمته واصلة إليهم، قال بعده: والمكذبون لهذه الدلائل، والمنكرون لهذه العجائب، صم لا يسمعون كلامًا البتة، بكم لا ينطقون بالحق، خائضون في ظلمات الكفر، غافلون عن تأمل هذه الدلائل، يعني على الأول أنه لما وصفهم بالموتى، ذكر هنا أنهم صم، وبكم في الظلمات، وعلى الثاني أنه لما ذكر هذه الدلائل، والآيات، قال: هذه لا ينتفع بها هؤلاء الكفار؛ لأنهم بهذه المثابة صم بكم في الظلمات، فيعمون عن هذه الآيات، ولا يسمعون سماع انتفاع، ولا يبصرون كذلك، ظلمات الكفر، لا يبصرون، فلا يعتبرون، ولا يهتدون.
وقوله: في الظلمات يقوم مقام الوصف بالعمى.