الأحد 28 / شوّال / 1446 - 27 / أبريل 2025
قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَىٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ۝ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ۝ وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ۝ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ۝ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ۝ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الأنعام:40-45].
يخبر تعالى أنه الفعَّال لما يريد، المتصرف في خلقه بما يشاء، وأنه لا معقب لحكمه، ولا يقدر أحد على صرف حكمه عن خلقه، بل هو وحده لا شريك له الذي إذا سئل يجيب لمن يشاء، ولهذا قال: قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ [سورة الأنعام:40] أي: أتاكم هذا أو هذا أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [سورة الأنعام:40]".

قوله: قُلْ أَرَأَيْتُكُم [سورة الأنعام:40] الكاف والميم عند البصريين من النحاة يراد بها الخطاب، ولا محل لها من الإعراب.
وقيل: إن الكاف والميم في محل نصب على المفعولية، يعني كأنه يقول: أرأيتم أنفسكم، فالكاف للخطاب كما في قوله تعالى: قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ [سورة الإسراء:62] فقالوا: الكاف مفعول به مثل: أرأيت زيداً كأنه يقول: أرأيت نفسك، والاستفهام في قوله: أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ [سورة الأنعام:40] للتقريع.
"أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [سورة الأنعام:40] أي: لا تدعون غيره لعلمكم أنه لا يقدر أحد على رفع ذلك سواه، ولهذا قال: إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [سورة الأنعام:40] أي: في اتخاذكم آلهة معه".

مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ [الأنعام: 40] معناه أخبروني، والضمير الثاني للخطاب، ولا محل له من الإعراب، وجواب الشرط محذوف تقديره: إن أتاكم عذاب الله، أو أتتكم الساعة من تدعون؟"

قوله: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ هذا تركيب، يفتتح بمثله الكلام الذي يراد تحقيقه، والاهتمام به، فهي كلمة استفهام، وتعجب، فالهمزة للتقرير، والاستفهام، من أجل التعجب أَرَأَيْتَكُمْ.

يقول: (معناه أخبروني) والضمير الثاني للخطاب، الذي هو الكاف، هذا مبني لا محل له من الإعراب قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ والكاف، والميم عند البصريين للخطاب، لا محل لها من الإعراب، وبعضهم يقول: هي في محل نصب بوقوع الرؤية عليها قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ يعني: أرأيتم أنفسكم.

"وجواب الشرط محذوف تقديره: إن أتاكم عذاب الله، أو أتتكم الساعة من تدعون؟ ثم وقفهم على أنهم لا يدعون حينئذ إلا الله، ولا يدعون آلهتهم، والآية احتجاج عليهم، وإثبات للتوحيد، وإبطال للشرك."