الأحد 28 / شوّال / 1446 - 27 / أبريل 2025
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ [سورة الأنعام:41] أي: في وقت الضرورة لا تدعون أحداً سواه، وتذهب عنكم أصنامكم، وأندادكم، كقوله: وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ الآية [سورة الإسراء:67]"

مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: إِنْ شاءَ [الأنعام: 41] استثناء، أي يكشف ما نزل بكم إن أراد، ويصيبكم به إن أراد، وقوله تعالى: وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ [الأنعام: 41] يحتمل أن يكون من النسيان، أو الترك."

من النسيان، يعني: بسبب شدة الهول، فيحصل لهم الذهول عن المعلوم، فالنسيان في حقيقته هو ذهاب المعلوم، فمن شدة الهول لم يخطر ببالهم إلا الله، يقول: (أو الترك) يعني: عمدًا؛ لعلمهم أنه لا يرفع هذا الكرب، والشدة التي وقعوا فيها إلا الله.

كما قال الله : وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء: 67] فهنا: وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ تنسون إما بسبب الذهول لشدة الموقف، فيحصل لهم نسيان حقيقي، أو بمعنى وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ يعني: تتركون ذلك، كما جاء في خبر عكرمة لما فتح النبي ﷺ مكة ففر يريد اليمن، وركب في سفينة، فلما هاجت بهم الريح، واضطرب بهم الموج، قال من في السفينة: إنه لا ينفعكم اليوم، لا ينجيكم إلا الله، فكان ذلك سببًا لإسلامه أنه عاهد الله، قال: إذا كان لا ينجي من كرب البحر إلا الله، فلا ينجي من كرب البر إلا الله، فعاهد الله أن الله إن أنجاه، ليأتين النبي ﷺ وليضعن يده بيده[1].

فالمقصود أن هؤلاء تداعوا ألا يسألوا إلا الله، وأنه لا ينجيهم إلا الله، فهذا معنى الترك، وما ذكره من الذهول، فهذا أيضًا معنى يحتمل، أنهم ينسون لشدة الموقف وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ فكل هذا، وارد - والله تعالى أعلم -.

  1. السنن الكبرى للنسائي، كتاب المحاربة، الحكم في المرتد رقم: (3516) ومسند البزار، رقم: (1151) ومسند أبي يعلى الموصلي، رقم: (757) والسنن الكبرى للبيهقي، رقم: (16879).