يقول تعالى: وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ [سورة الأنعام:59] المِفتح - بكسر الميم - يمكن أن تجمع على مفاتيح، ومفاتح، وأما المَفتح - بفتح الميم - فلا تجمع إلا على مفاتِح، ولذلك يحتمل أن تكون المفاتِح هنا جمع مَفْتَح، وعلى هذا فهي الخزانة فيكون قوله: وَعِندَهُ مَفَاتِحُ أي: خزائن الغيب، ويحتمل أن تكون جمع مِفْتَح وعلى هذا تكون مفاتح جمع مفتاح، وهذا كله معروف في كلام العرب، وبين المعنيين ملازمة لا تخفى؛ فإن مخازن الشيء قد لا يتوصل إليها إلا بفتحها بمفاتيحها، فالله عنده مفاتح الغيب - بمعنى خزائن الغيب -، وعنده مفاتيح الغيب، والله تعالى أعلم.
وقوله: وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [سورة الأنعام:59] أي محيط علمه الكريم بجميع الموجودات بريِّيها، وبحريِّيها، لا يخفى عليه من ذلك شيء، ولا مثقال ذرة في الأرض، ولا في السماء.
وقوله: وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا [سورة الأنعام:59] أي: ويعلم الحركات حتى من الجمادات فما ظنُّك بالحيوانات - ولاسيما المكلفون منهم من جنهم، وإنسهم - كما قال تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [سورة غافر:19]".
- أخرجه البخاري في كتاب التفسير - باب تفسير سورة الأنعام (4351) (ج 4 / ص 1693).