روى الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: إن الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وابشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فلا تزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان، فيقال: مرحباً بالنفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة، وابشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فلا تزال يقال لها ذلك حتى يُنتهى بها إلى السماء التي فيها الله ، وإذا كان الرجل السوء قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، وابشري بحميم وغسَّاق، وآخر من شكله أزواج، فلا تزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها فيقال: من هذا فيقال: فلان، فيقال: لا مرحباً بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة فإنه لا يفتح لك أبواب السماء، فترسل من السماء، ثم تصير إلى القبر، فيُجلس الرجل الصالح فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول، ويُجلس الرجل السوء فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول[1].
ويحتمل أن يكون المراد بقوله: ثُمَّ رُدُّواْ [سورة الأنعام:62] يعني الخلائق كلهم إِلَى اللّهِ يوم القيامة، فيحكم فيهم بعدله كما قال: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ [سورة الواقعة:49-50] وقال: وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا [سورة الكهف:47] إلى قوله: وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [سورة الكهف:49] ولهذا قال: مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [سورة الأنعام:62]".
يقول: وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [سورة الأنعام:62] باعتبار أنه - تبارك وتعالى - لا يحتاج إلى عد، ولا يحتاج إلى مدة يحسب فيها الأعمال على كثرتها، وكثرة المحاسبين من الخلائق، مع كثرة جرائمهم، وأعمالهم، فحساب هذه النفوس الكثيرة كحساب نفس واحدة، وهذا يدل على كمال قدرته - جل وعلا -، وأنه لا يعجزه شيء، ولا يتعاصاه شيء.
- أخرجه أحمد (8754) (ج 2 / ص 364) وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.