النبأ في الأصل يطلق على الخبر الذي له شأن، وبعضهم يقول: إن النبي مأخوذ من هذا؛ لأنه منبأٌ من الله، أو لأنه يأتي بالنبأ من الله، فكل خبر له خطب وشأن يقال له: نبأ، ولا يقال للخبر الحقير، أو الذي لا شأن له: نبأ، فلا يقال: جاءنا نبأ حمار الحجَّام - كما يقال -، وإنما يقال: جاءنا نبأ المعركة، أو جاءنا نبأ الجيوش؛ وما أشبه هذا.
وقوله تعالى: لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ [سورة الأنعام:67] قال ابن عباس - ا - وغيره: "أي لكل نبإٍ حقيقة أي: لكل خبر وقوع ولو بعد حين"، والمعنى أن له قرار يستقر عنده، ونهاية ينتهي إليها - كما يقول كبير المفسرين ابن جرير رحمه الله -، والمعنى أن ل لكل نبإ مستقر يستقر إليه، ويصير إليه، فيتبيّن حقه، وصدقه؛ من كذبه، وباطله، ومن ذلك الأنباء التي جاء بها القرآن من الوعيد الذي قبل هذه الآية، حيث إن الله - تبارك وتعالى - توعدهم بقوله: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً [سورة الأنعام:65] وقد وقع بعض ما توعدهم الله به مما أراد إيقاعه بهؤلاء المكذبين كما حصل لهم في يوم بدر، وكما حصل لهم قبل ذلك في مكة من الجوع لما دعا عليهم النبي ﷺ، وغير ذلك مما توعد الله به المكذبين، وأراد إيقاعه بهم، وكذلك ما أخبر الله به من أمر فإنه واقع لا محالة في وقته المحدد، فنبأ الآخرة هو من أعظم النبأ، وقد أخبر الله عن وقوعها، وعما يجري فيها من الأهوال، والأوجال، وما يحصل فيها من العذاب، والنعيم، وكل ذلك سيكون له حقيقة واقعة في الوقت، والحين؛ الذي قضى الله أن يكون فيه، ولهذا قال: وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [سورة الأنعام:67] أي: سترون ذلك، وتعرفون حقِّيَّته، والله أعلم.