الإثنين 07 / ذو القعدة / 1446 - 05 / مايو 2025
وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِىٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا۟ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِۦ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وقوله: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا [سورة الأنعام:68] أي: بالتكذيب والاستهزاء فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ [سورة الأنعام:68] أي: حتى يأخذوا في كلام آخر غير ما كانوا فيه من التكذيب".

يقول تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا [سورة الأنعام:68] بعضهم يقول: أصله من الخوض في الماء يعني في المحسوس، ثم استعمل في المعاني للتخليط والدخول في غمرات الأشياء التي لا يحسنها الإنسان، ولا ينبغي له أن يدخل فيها؛ سواء كان ذلك من ألوان الأباطيل، أو الشبهات، أو الأمور التي هي من قبيل المجاهل.
فقوله: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا [سورة الأنعام:68] بمعنى يخلطون، ويستهزئون بآياته، ويكفرون بها، فالله نهى عن مجالسة الذين يستهزؤون بآياته، ويكفرون بها كما قال: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا [سورة النساء:140] فهذا معنى الخوض الذي في قوله: يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا [سورة الأنعام:68] يعني يستهزؤون، ويكفرون، ويدخل فيه كل لون من ألوان الاستهزاء، والكفر، والتكذيب، فلذلك قال: فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ [سورة النساء:140].
"وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ [سورة الأنعام:68] والمراد بذلك كل فرد من آحاد الأمة ألا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله، ويضعونها على غير مواضعها؛ فإن جلس أحد معهم ناسياً فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى [سورة الأنعام:68] بعد التذكر مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [سورة الأنعام:68] ولهذا ورد في الحديث: رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه[1].
وهذه الآية هي المشار إليها في قوله: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ الآية [سورة النساء:140] أي: إنكم إذا جلستم معهم، وأقررتموهم على ذلك؛ فقد ساويتموهم فيما هم فيه".
  1. أخرجه ابن ماجه في كتاب الطلاق -  باب طلاق المكره والناسي (2043) (ج 1 / ص 659) وصححه الألباني في مختصر الإرواء برقم (2566).

مرات الإستماع: 0

"يَخُوضُونَ فِي آياتِنا [الأنعام: 68] في الاستهزاء بها، والطعن فيها."

الخوض: أصله يكون في الماء، ثم صار يتوسع في الاستعمال في الولوج، والدخول، في غمرات الأشياء التي هي مجاهل، تشبيهًا لها بغمرات الماء، وبعضهم يقول: هذا مأخوذ من الخلط يَخُوضُونَ فِي آياتِنا يخلطون يعني."

"قوله تعالى: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [الأنعام: 68] أي: قم، ولا تجالسهم وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ [الأنعام: 68] إما مركبة من "إن" الشرطية، و"ما" الزائدة، والمعنى: إن أنساك الشيطان النهي عن مجالستهم، فلا تقعد بعد أن تذكر النهي."