يقول تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا [سورة الأنعام:68] بعضهم يقول: أصله من الخوض في الماء يعني في المحسوس، ثم استعمل في المعاني للتخليط والدخول في غمرات الأشياء التي لا يحسنها الإنسان، ولا ينبغي له أن يدخل فيها؛ سواء كان ذلك من ألوان الأباطيل، أو الشبهات، أو الأمور التي هي من قبيل المجاهل.
فقوله: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا [سورة الأنعام:68] بمعنى يخلطون، ويستهزئون بآياته، ويكفرون بها، فالله نهى عن مجالسة الذين يستهزؤون بآياته، ويكفرون بها كما قال: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا [سورة النساء:140] فهذا معنى الخوض الذي في قوله: يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا [سورة الأنعام:68] يعني يستهزؤون، ويكفرون، ويدخل فيه كل لون من ألوان الاستهزاء، والكفر، والتكذيب، فلذلك قال: فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ [سورة النساء:140].
وهذه الآية هي المشار إليها في قوله: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ الآية [سورة النساء:140] أي: إنكم إذا جلستم معهم، وأقررتموهم على ذلك؛ فقد ساويتموهم فيما هم فيه".
- أخرجه ابن ماجه في كتاب الطلاق - باب طلاق المكره والناسي (2043) (ج 1 / ص 659) وصححه الألباني في مختصر الإرواء برقم (2566).