الثلاثاء 08 / ذو القعدة / 1446 - 06 / مايو 2025
وَكَذَٰلِكَ نُرِىٓ إِبْرَٰهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"قوله: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [سورة الأنعام:75] أي: نبيّن له وجه الدلالة في نظره إلى خلقهما، على وحدانية الله في ملكه، وخلقه، وأنه لا إله غيره، ولا رب سواه".

لعل من أحسن ما يفسر به الملكوت في قوله: مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ - والله تعالى أعلم - أي: ملك السماوات، وما فيها من أفلاك، ومخلوقات عظيمة؛ تدل على قدرة الله ، وربوبيته للعالم، وانفراده بالخلق، والتدبير، وعلى وحدانيته، وأنه المعبود وحده لا يستحق العبادة أحد سواه.
وتكون الواو والتاء بهذا الاعتبار قد زيدت في هذه اللفظة للمبالغة مثل ما يقال: رغبوت ورهبوت، وما أشبهها من الكلمات التي بنيت هذا البناء لهذا المعنى - والله تعالى أعلم -، وقيل غير ذلك، لكن لعل هذا من أقرب ما يفسر به، وهذا هو معنى كلام الحافظ ابن كثير الذي قال فيه: "أي: نبيّن له وجه الدلالة في نظره إلى خلقهما، على وحدانية الله في ملكه، وخلقه، وأنه لا إله غيره، ولا رب سواه".
"كقوله: قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [سورة يونس:101] وقال: أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ [سورة سبأ:9]".

مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الأنعام: 75] قيل: إنه فرج الله السماوات، والأرض حتى رأى ببصره الملك الأعلى، والأسفل، وهذا يفتقر إلى صحة نقل، وقيل: رأى ما يراه الناس من الملكوت، ولكنه وقع له بها من الاعتبار، والاستدلال ما لم يقع لأحد من أهل زمانه."

وهذا كأنه - والله أعلم - أقرب، والأول لا دليل عليه كما ذكر المؤلف، وقد ذكر الحافظ ابن كثير في المعنى أن المراد: نبين له وجه الدلالة في نظره إلى خلقهما على وحدانية الله في ملكه، وخلقه، وأنه لا إله غيره، ولا رب سواه، يعني: هذا الكلام الأخير الذي ذكره ابن جزي.

نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فهو يرى، وينظر نظر اعتبار يتوصل به إلى معرفة المعبود وحده، وأنه خالق كل شيء، ولا إله غيره، كأن هذا هو الأقرب - والله تعالى أعلم -.

ومَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ملكوت يعني ملك السماوات، والأرض نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي: ملكهما، نعم، وملكوت، وزيادة التاء هذه مع الواو، للمبالغة في الصفة، مثل: الرغبوت، والرهبوت، ونحو ذلك.

"قوله تعالى: وَلِيَكُونَ [الأنعام: 75] متعلق بمحذوف تقديره: وليكون من الموقنين فعلنا به ذلك."

نعم، يعني حذف ما يعلم هذا كثير في اللغة، والقرآن، ثقةً بفهم المخاطب.