الأربعاء 02 / ذو القعدة / 1446 - 30 / أبريل 2025
وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُوا۟ بِهَا فِى ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلْءَايَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [سورة الأنعام:97]، قال بعض السلف: "من اعتقد في هذه النجوم غير ثلاث فقد أخطأ، وكذب على الله سبحانه: أن الله جعلها زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر".
قوله: قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ [سورة الأنعام:97] أي: قد بيّناها ووضحنها لقوم يعلمون، أي: يعقلون ويعرفون الحق، ويتجنبون الباطل".

جعلها زينة للسماء، ورجوماً للشياطين كما قال تعالى: وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا [سورة فصلت:12] وكما قال: بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ۝ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ۝ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ۝ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ [سورة الصافات:6-9]، وقال تعالى: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ [سورة الملك:5]، وكذلك أيضاً جعلها الله للاهتداء بها كما قال هنا: لِتَهْتَدُواْ بِهَا [سورة الأنعام:97] كما في هذه الآية، فهذه ثلاث فوائد للنجوم ذكرها الله - تعالى - في كتابه.
قوله: لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [سورة الأنعام:97] الظلمات تشمل ما يصدق عليه هذا اللفظ ابتداء وهي الظلمة المعروفة، ويدخل فيها المعنى الآخر الذي ذكره طائفة من السلف أي إذا اختلطت عليهم السبل، وخفيت عليهم الطرق، وتاهوا فصاروا في عماية لا يهتدون، وكبير المفسرين ابن جرير - رحمه الله - حملها على المعاني الثلاثة وهي: اشتباه الطرق، والتباس السبل بحيث لا يعرف كيف يهتدي، وظلمة الليل، وبعبارة أخرى يدخل في الظلمات ظلمة الخطأ، وظلمة الضلال، وظلمة الليل، ويقول: إن الله لم يخص شيئاً من هذه المعاني ولذلك دخلت فيها جميعاً.
وقوله: ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [سورة الأنعام:97] أي: ظلمة الأرض والماء، فظلمة البر يعني ظلمة الأرض، وظلمة البحر يعني ظلمة الماء، وكونه أضاف الظلمات إلى البر والبحر يمكن أن يكون ذلك باعتبار ملابسة الظلمة لهما، والله أعلم.

مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [الأنعام: 97] أي: في ظلمات الليل في البر، والبحر، وأضاف الظلمات إليها لملابستها لهما [قال في نسخة: لمناسبتها لهما]".

"فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي: في ظلمات الليل في البر، والبحر، وأضاف الظلمات إليهما لملابستها لهما" هذا صحيح، والمعنى: لملابسة الظلمة للبر، والبحر.

"أو شبّه الطرق المشتبهة بالظلمات".

وحمله ابن جرير على ظلمة الليل، وظلمة الخطأ، والضلال، وظلمة الأرض، أو الماء[1] والظلمات هي مظنة لعدم الاهتداء، فالله يهديهم بذلك، وبما جعل لهم من النجوم التي يهتدون بها، والعلامات التي يعرفون بها الجهات، والطرق التي توصلهم إلى الغايات المطلوبة.

  1. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (11/561).