"وقوله: مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ [القلم:12] أي: يمنع ما عليه وما لديه من الخير.
مُعْتَدٍ في تناول ما أحل الله له، يتجاوز فيها الحد المشروع.
أَثِيمٍ أي: يتناول المحرمات".
مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ يقول هنا: يمنع ما عليه وما لديه من الخير، يعني من حقوق الله، وحقوق الناس.
والخير يأتي بمعنى: المال: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [العاديات:8] يعني المال، كما قال الله : وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا [الفجر: 20].
فهذا كثير المنع للخير، بخيل بالمال، لا ينفقه في وجهه.
وبعضهم فسر الخير هنا بالمعنوي، يقول: هو الذي يمنع الناس من الدخول في الإسلام، يمنع أهله، وقومه، وعشيرته من الإيمان، يصدهم عن ذكر الله - تبارك وتعالى -، واتباع الحق مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ.
والآية عامة، فيدخل فيها هذا، ويدخل فيها منع الحقوق المالية لله، ولخلقه: مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ.
ويدخل في ذلك أيضًا منع الخير من الدعوة إلى الله، وتعليم الناس العلم، ونشر الخير بين الناس، ودخول الناس في دين الله - تبارك وتعالى - إلى غير ذلك مما تحتمله الآية - والله تعالى أعلم -.
مُعْتَدٍ يقول: في تناول ما أحل الله له، يتجاوز فيها الحد المشروع.
مُعْتَدٍ في هذا، يعني ما يتعلق بأخذ المال، يأخذه من غير حله.
مُعْتَدٍ على الناس في حقوقهم، وأموالهم، وأعراضهم؛ لأنه نمام، هماز، مغتاب، معتدٍ لحدود الله .
مُعْتَدٍ كثير الآثام، لا شك أن صاحب هذه المقارفات هذا الحلاف، المهين، الهماز، المشاء، بنميم، هو يحمل أوزارًا على ظهره، كثير الآثام؛ لأنه لا يبالي، قد خفت عليه المعصية، فهو مجترئ على الله مُعْتَدٍ على حدوده، صاحب عدوان على الخلق.