الخميس 15 / ذو الحجة / 1446 - 12 / يونيو 2025
وَحُمِلَتِ ٱلْأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَٰحِدَةً

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"ولهذا قال هاهنا: وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً أي فمُدت مد الأديم العكاظي، وتبدلت الأرض غير الأرض".

وحملت الأرض والجبال قال: فمُدت مد الأديم العكاظي، نسبة إلى عكاظ السوق المعروفة بين نخلة والطائف، وهنا وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ هنا فسره بأنها مُدت، وبعضهم فسرها بأنها قُلعت، ورفعت من أماكنها، أزيلت عن مقارها، وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً هنا لم يفسر الدَّك - مضى الكلام عليه -، وفسره بعضهم بالكسر فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً كُسرتا أو ضربتا، الدك بمعنى أنها ضربت حتى صارت كثيبًا مهيلًا، وذكرنا أحوال الجبال في مناسبات سابقة من دكها حتى تتحول وتصير كالكثيب المهيل إلى أن تصير كالهباء المنبث هذا الذي يتطاير في شعاع الشمس، ثم تسير، فلها أطوار، وأحوال ذكرها الله في كتابه، وبعضهم فسر ذلك بالبسط، فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً وهل هذا من قبيل التفسير باللازم، يعني أنها إذا دكت، وضربت؛ إلى آخره صارت منبسطة؟، نعم تكون منبسطة، يقولون: هذا من قولهم: اندك سنام البعير إذا استوى، اندك يعني استوى، إذا وضع عليه الرحل، وطال ذلك عليه مع الركوب؛ فإن هذا يؤثر فيه فيكون منبسطًا مستويًا فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً، بينما ابن جرير - رحمه الله - يفسر ذلك بالزلزلة، أي فزلزلتا زلزلة واحدة، وهذا الدك ليس معناه الزلزلة، لكن كأنه نظر إلى المعنى باعتبار أن ذلك قيل في حق الجبال، والأرض، فالأرض ما الذي يحصل لها؟ الجبال تدك بمعنى أنها تكسر، بمعنى أنها تقلع من أماكنها، وتتحول إلى هباء، إلى كثيب، كل هذا يحصل لهذه الجبال لكن الأرض تُبسط تُسوى لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا [سورة طه:107] هذا الذي مشى عليه ابن كثير - رحمه الله -، ابن جرير كأنه نظر إلى الأرض من كونها يحصل لها زلزلة إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً زلزلتا زلزلة واحدة، وهو لا يقصد أن الزلزلة تحصل حركة واحدة؛ لأن كلمة زلزل فيها تكرر في الحروف، وهذا يدل على تكرر في حركتها مثل أي لفظة، هذا التكرار مثل يتجلجل يدل على تردد في الشيء الجلجلة، الصلصلة - والله أعلم -.