قال المصنف - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [سورة الحاقة:19-24].
يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه يوم القيامة بيمينه، وفرحه بذلك، وأنه من شدة فرحه يقول لكل من لقيه: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ أي: خذوا اقرءوا كتابيه؛ لأنه يعلم أن الذي فيه خير، وحسنات محضة؛ لأنه ممن بدل الله سيئاته حسنات، قال عبد الرحمن بن زيد: معنى هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ أي: ها اقرءوا كتابيه، و"ؤُمُ" زائدة، كذا قال، والظاهر أنها بمعنى هاكم".
فقوله - تبارك وتعالى -: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: أي: خذوا اقرءوا كتابيه، هاؤم بمعنى خذوا، وبهذا قال النحاة، فهو اسم فعل بمعنى خذوا، وبعضهم قال: هو بمعنى هاؤم أي: تعالوا كما جاء عن ابن زيد، وبعضهم قال: إن معناه هلمَّ، والمقصود أنه اسم فعل أمر أي خذوا، تعالوا، هلم، ونحو ذلك.
والهاء في قوله: "كتابيه"، و"حسابيه"، ونحو ذلك؛ هي للسكت.
هذا يشهد للذي قبله، والذي قبله لم يصرح برفعه إلى النبي ﷺ، وهو لا يقال بالرأي فله حكم الرفع، لكن ليس في حديث ابن عمر أنه حينها يقول: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ، لكن الآية واضحة في أنه إذا أخذ كتابه بيمينه قال ذلك، فهذا القدر تشهد له الآية - هذا الجزء - أنه يقوله حينما يعطى الكتاب بيمينه، والمقصود بالكتاب هو كتاب الأعمال، صحيفة الأعمال، اقرءوها فهي تتطاير، فآخذٌ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله.
- تفسير ابن أبي حاتم (10/ 3371).
- رواه البخاري، كتاب المظالم والغصب، باب قول الله - تعالى -: أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18]، برقم (2441)، وبرقم (4685)، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18].