الأربعاء 14 / ذو الحجة / 1446 - 11 / يونيو 2025
قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله تعالى: قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ، قال البراء بن عازب: "أي: قريبة، يتناولها أحدهم وهو نائم على سريره" وكذا قال غير واحد".

القطوف جمع قِطْف وهو ما يقطف من الثمار، قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ يعني يأخذون منها من غير كلفة، يتناولونها وهم رقود، أو وهم مضطجعون، أو قائمون، على أي حال كانوا، لا تحتاج إلى صعود، ومشقة، وآلة، ولا يوجد ما يحول دون هذه القطاف من شوك ونحوه قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ، والله - تبارك وتعالى - عندما ذكر النخيل وصفها بصفتين في موضعين:

الصفة الأولى قال: وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ [سورة ق:10] باسقات أي طوال.

وفي الموضع الثاني: وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ [سورة الأنعام:99]، يعني قريبة، ما وجه وصف الأولى بأنها طويلة، والثانية بأنها قريبة ما وجه هذا؟ هل توصف وتمدح بالقرب أو بالطول؟، في موضع ذكر الطول، وفي الموضع الثاني ذكر القرب، ما الفرق بين الموضعين؟

الموضع الأول "باسقات" هذا في بيان أو مقام بيان قدرة الله ، وعظمته، فهو يذكر صنوف هذا الخلق، وما فيه من العجائب، والغرائب؛ فهي دعوة إلى التفكر، فالنخل إذا كانت بهذه المثابة من الطول فهذا أليق في هذا المقام، مقام تفكر، وذكر ما يدل على قدرة الله، وعظمته، وفي مقام الامتنان لا شك أن ما كان قريب التناول، وسهل التناول؛ أوقع في هذا الباب، وأبلغ في الامتنان، امتن عليهم بهذه الثمرات القريبة التي في متناول أيديهم، لا يحتاجون إلى كلفة للوصول إليها، هذا الفرق بين المقامين.